أتت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمصر، والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ، كذلك أرسلت السعودية مسؤولًا سعوديًا عن الشؤون الأفريقية إلى أديس أبابا لمناقشة البحث عن حلول سلمية لسد النهضة، وهناك تحول مصر من الصبر الاستراتيجي إلى الردع الاستراتيجي الشامل بدعم سعودي، هي جملة سياسات محكمة ومترابطة تتبعها مصر والسودان، وتسير في عدد من الاتجاهات.
فبجانب تحميل مصر مجلس الأمن للمرة الرابعة مسؤوليته في حل سد النهضة، وهناك اجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي في الدوحة في 15/6/2021 وفق التفاهمات التي دارت بين الأمير محمد بن سلمان ولي العهد مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ، وحرصهما على مناصرة الحقوق العربية دون أي مساومة، من أجل ضبط المشهد الإقليمي.
ورغم تحرك الولايات المتحدة نحو القرن الأفريقي ممثلًا في تعيين جيفري فيلتمان، لكن السعودية ومصر يدركان أنه لا يشغل سد النهضة لدى أمريكا سوى هامش محدود من اهتمامات الإدارة الأمريكية، مقارنة بالأولويات التي تود الولايات المتحدة سحب أثيوبيا من الاهتمام الصيني نحوها، وكذلك اهتمامات روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا متعلق بالتنافس فيما بينهم، لكن الردع الاستراتيجي الشامل الذي تتخذه مصر والسعودية والسودان هو من أجل ليس فقط ملء السد الثاني كأمر واقع، بل من أجل منع احتكار أثيوبيا مياه نهر النيل لحفظ مصر والسودان حقوقهما المائية، وتحرص مصر على تشكيل بيئة أفريقية تتفهم ما قد تلجأ إليه القاهرة.
كان حضور الدور المصري في حرب غزة بالتنسيق مع السعودية بعدما اتصل بايدن بالملك سلمان يرجوه القيام بتنسيق مع مصر لوقف هذه الحرب المدمرة، ثم اتصل بايدن بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يشكره على دور مصر في وقف هذه الحرب الشرسة، لأن أمريكا تبحث التهدئة في المنطقة في هذا التوقيت بالذات باعتبار أنها لديها أولويات لها أهمية تراها الإدارة الأمريكية أكثر أهمية من أزمات منطقة الشرق الأوسط.
تدرك أمريكا أن مصر هي التي تدير هذا الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولن يستطيع القيام بهذا الدور لا تركيا ولا إيران، خصوصًا بعدما نجحت مصر في مواجهة الإرهاب في سيناء، وفي كافة الأراضي المصرية، بل واستطاعت مصر تحجيم التواجد التركي في ليبيا بالتعاون مع أوروبا، وبشكل خاص مع ألمانيا وفرنسا، باعتبار أن ليبيا تحولت إلى بوابة ينتقل إليها المهاجرون من أفريقيا ثم الانتقال إلى أوروبا، واستطاعت مصر أن تكون مركزًا ومقرًا لمنتدى الغاز في شرق المتوسط، واستبعدت منه تركيا.
أصبح للسعودية ومصر دوران إقليميان، لا يمكن أن تتجاوزهما الإدارة الأمريكية الجديدة في صياغة شرق أوسط بناء على التحالفات التي شكلتهما السعودية ومصر، خصوصًا وأن المؤشر الاقتصادي لدولتي إيران وتركيا يُنذران من أنهما يتجهان نحو التدهور، فالليرة التركية بعدما كانت 1.4 للدولار أصبحت 8.7 لكل دولار، وانخفض الريال الإيراني منذ عام 1971 نحو 3500 مرة أي وصل الدولار يقابله 42 ألف ريال.