قال صاحبي: انتهت الانتخابات الإيرانية، وأصبح إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران خلال الأربعة الأعوام القادمة، كيف تُجرى الانتخابات في إيران؟ وما هي التيارات السياسية فيها؟ وما الفرق بين إصلاحي، ومحافظ، ولماذا تمّت مقاطعة الانتخابات، وهل خرج من لم يشارك فيها من ربقة الإسلام؟! وما المتوقع من الرئيس الجديد داخليًا، وإقليميًا، ودوليًا؟ ولماذا يُقال عن إيران إنها بلد غير ديمقراطي، وهي تجري الانتخابات الرئاسية بين المرشحين؟
من ينظر من الخارج لإيران للوهلة الأولى يعتقد أنها بلد ديمقراطي، تُمارس فيه تداول السلطة كما في البدان الغربية، عن طريق صناديق الاقتراع، وما إن يقترب من الواقع الإيراني قليلًا حتى يكتشف الحقيقة الناصعة، التي لا تحتاج إلى برهان، فالفواصل، والطبقات الاجتماعية، والدينية، والعرقية والمذهبية، تكشف عن وجود نسيج سياسي اجتماعي مذهبي غير متجانس، تتفرد فيه طبقة دينية وعرقية بكامل النفوذ، لا تستمد مشروعيتها من المجتمع بكامل أطيافه، فموافقة الناس أو مخالفتهم ليس لها أي تأثير في ولاية الفقيه!!
كانت الساحة السياسية الإيرانية قبل انقلاب خميني ورفاقه على السلطة تمور بالأحزاب والتيارات السياسية، متعددة التوجهات والأيديولوجيات من اليمن إلى اليسار، ومن الإسلامي إلى الليبرالي، وبعد أن تمكن خميني من الإمساك بزمام السلطة السياسية والدينية، عمل على تصفية وإقصاء هذه التيارات، إما بالاغتيالات، وإما بالزج بهم في المعتقلات، وهذا هو السبب الرئيس لأفول الأحزاب والتيارات السياسية الإيرانية، وانعدام إقامة دولة مدنية -ولو صوريًا- لغياب الأمن والاستقرار السياسي بفضل عنجهية النظام الإيراني.
عطفًا على ما سبق تشكّلت تيارات إيرانية صورية لتبيض وجه النظام أمام العالم، بأنه ديمقراطي، من خلال مسرحية أبطالها عناصر الباسيج والحرس الإرهابي، وتمت مقاطعتها شعبيًا؛ لأن النتيجة محسومة سلفًا، ما دفع والد زوجة رئيسي، ممثل المرشد الأعلى وخطيب الجمعة في مدينة مشهد أحمد علم الهدى، إلى “المساواة بين مقاطعة الانتخابات وترك الإسلام”!! وهو ما انتقده مير موسوي -مرشح سابق للرئاسة، تم إقصاؤه ووضعه تحت الإقامة الجبرية- برفض “إلباس الإسلام لباس الخرافة”
في الاتصال الساسي ننظر إلى مقاطعة الانتخابات بأنها تعكس هذه حالة عدم الرضا السائدة لدى الرأي العام، كما تعني انعدام الاتصال بين الشعب وقادته، كما هو في إيران، وقد استشعر النظام الإيراني خطورة هذا الأمر داخليًا وخارجيًا، فحاول استخدام الخطاب السياسي والديني والاجتماعي، وتغليفه بالعاطفة الدينة والوطنية، لكنها كانت تصرخ في فراغ، لإدراك الناخب أن القضية تجاوزت عملية الانتخابات، ولم يعد يهمه لمن تؤول الأمور، لإحساسه بهدر كرامته، وتبديد أمواله، وخنق صوته، وفرض القيود على الحريات، والتشويش على الإنترنت، وتعطيل المادة السابعة والعشرين من الدستور الإيراني، المتضمنة السماح بالتجمعات وتشكيل الأحزاب.
سوف يأتي رئيسي لمقعد الرئاسة وأمامه ملفات ثقيلة ومعقدة، داخليًا، وإقليميًا، ودوليًا، من الاقتصاد الإيراني المصاب بمرض مزمن لا يمكن علاجه دون معرفة دقيقة بتاريخ المرض، ومسبباته، وعلاجه خارج عن قدرة الرئيس الإيراني، وإلى وضع إقليمي متوتر، صنعته إيران بسياساتها وسعيها لترسيخ النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وسعيها لامتلاك سلاح نووي لا تحسن التعامل معه، ولا يمكن التنبؤ بعواقبه، وبنظام عالمي يرفض دخولها النادي النووي، وفي ذات الوقت يرتبط معها بعلاقات خاصة، جعلته يغض النظر عن سلوكها الإرهابي حتى في الغرب!!
قلت لصاحبي:
هذه الانتخابات صممت على مقاس المرشد المنتظر، رئيس لجنة الموت، الذي صنعه النظام على عينه في سن مبكرة، جعلته يتشرب التشدد والتطرف التي هي أساس فلسفة النظام، فكيف سيتعامل العالم مع صاحب تاريخ من الإجرام بحق مواطنيه؟ وهل سيكافئ باتفاق نووي خديج، على غرار اتفاق أوباما؟!