اطمئن…إذا كنت ممن يبحث عن أي سبب لكسبِ محبة الله وهدفُك أنّ تَسلُك الطريقَ الموصِلَ إلى الجنة، ولديك أفكار كيّسة، ستجد بها راحة النفس وطمأنينة القلب وارتياح الضمير، وبالكاد تعرف الهموم، وستعيشُ حياةً هانئـةً مليئةً بالثقةِ في النفس.
لا تهتم بِمَن مَنّ الله عليه من فضله، ولا تسّمَحُ للأفكارِ الرديئةِ أن تراوِدكَ بأن ما يَتمتعُ به لا يستحقه أو أن تَرجو بأن يزول، احذر ولو لوهلةٍ أنّ تُفكِرَ مُجرد التفكير بمثلِ هذا، فالله قد قَسَمَ بين الناسِ معيشتهم، بل قد يكون في مشقةٍ أنت لا تعلمها.
هذا النهجَ يُفضي إلى البؤس والحُزن، وضَعف النفس، وقد يتجاوز إلى أبعد من ذلك كالتلفُظِ على الغيرِ بما لا يرضونَه، أو النفاق، أو الغيبة، أو التعدي على حُقوقِ الآخرين، أو حتى إلى ارتكاب جريمة.
أخوة يوسف قالوا: اقتلوا يوسف، لأنه أحبُ إلى أبيهم منهم، لولا إرادةُ الله بأن يعترض أحدهم بـ: لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب، وتسببوا في بيعه بثمنٍ بخس، ابنيّ آدم قرّبا قربانًا فتُقبّلٌ من أحدهِما ولم يُتقبّل من الآخر فقالَ أحدهما للآخر: لأقتلنك، فَطوّعت لهُ نفسه قتل أخيه فقتله.
من كان هذا ديدنه وكان مِنَ الناس الذين يُنازع بعضهم بعضًا، قد يقضي عمره مُكتئبًا بينَ الهَمِ والغم، وقد يكون وحشًا مُفترسًا يؤذي نفسه والآخرين، كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، فكن مَمّن لا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتي غيرهم مِن فَضلِ الله، ومِمّن يؤثرون على أنفُسِهم ولو كان بهم خصاصة.
يقول أبو الأسود الدؤلي:
حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ
فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها
حَسدًا وَبَغيًا إِنَّهُ لَدَميمُ
وَتَرى اللَبيبَ مُحسَّدًا لَم يَجتَرِم
شَتمَ الرِجالِ وَعَرضُهُ مَشتومُ
وَكَذاكَ مَن عَظُمَت عَليهِ نِعمَةٌ
حُسّادُه سَيفٌ عَليهِ صَرومُ …
لذا فالحسد صفةٌ ذميمةُ وآفة، ومُنكرٌ وظُلم، امنع نفسك من أن تأمرك به سواءً بالأفكار أو بالأقوال أو بالأفعال، اغمره في صدركَ لو هَمّ بك أو وجدته في نفسك، أنِّب ضميرك، واحذر خطوات الشيطان، واشكر الله واسأله من فضله واصبر، لكي لا تجِد نفسك تُلقِي ضحيةً وتتركهُ خلفك في غيابة الجب.