آسفني كثيرًا، وآلم مشاعري، ما سمعته من أحد الزملاء الكرام في الحقل الإعلامي الذي انتقلت أمه إلى رحمة الله .. عندما أخبره الطبيب المباشر لحالة أمه المرضية أثناء مكوثها في المستشفى قبل وفاتها لتلقي العلاج، بعد المبادرة بسؤال الطبيب عن حالة أمه المرضية وتطورها، بعبارة لا تقال من إنسان يعمل في أي مجال، فما بالك بشخص يعمل في منشأة صحية لها ثقلها ومكانتها في منظومة قطاعاتنا الصحية .. كم يتقطع قلبي وأنا أذكر هذه العبارة، والجملة الجارحة التي أطلقها، الطبيب الذي من المفترض أن يواسي ويداوي من ألجمته الظروف المرضية والحالات الصعبة في مثل هذه المواقف الاستثنائية؛ حيث قال: أمك وضعها منتهٍ..ردٌ كان كالرصاصة المدوية التي تصيب مشاعر هذا الابن المكلوم بمغادرة أمه الوجود.
إن مهنة الطب، هي المهنة الوحيدة التي يلقي خلالها الطبيب القسم قبل تخرجه، بمراعاة الله في مهنته، وتأديتها بالوجه الذي يراعي مشاعر المرضى وخصوصياتهم؛ لأنها تتعلق بالإنسانية، وحياة البشر..فوالله بكلمة تبعث الأمل وتحيي المشاعر في نفوسٍ أسيرة المرض، وطريحة الفراش..
وبدوري أقول لهذا الطبيب، الذي تناسى أبسط معاني المواساة، وثقافة لين الجانب، وجبر الخواطر: لا يا سعادة الطبيب.. إن الأم لا تنتهي أبدًا حتى بعد مماتها..ففي الدنيا يكون برها كسبًا لرضا رب العزة والجلال الذي أوصانا وحثنا على ذلك في محكم تنزيله، وبعد مماتها يبدأ برًا من نوعٍ آخر بالدعاء لها، والتقرّب إلى الله بالتصدق عنها، وبذل الأعمال الخيرية المختلفة، ليصلها أجرها.
لا يا دكتور .. “ما هكذا تُورد الإبل” .. ضع نفسك في هذا الموقف الصعب الذي عاشه الابن القريب من أمه، بسهره الليل، وترقبه لأي نتيجة يسمعها عن حالة والدته التي أخذ منها المرض، ما أخذ..بالطبع سيكون الرد الصعب الذي أطلقته محل حزن وألم وتدميرٍ للمشاعر التي يتطلب معاهدتها ببلسم الأخذ بلين الجانب، والتعامل مع الأمور بالكلمة الطيبة التي حثنا عليها ديننا الإسلامي.
همسة:
حاولوا تضميد جراح القلوب التي تنزف مشاعرها أسفًا على فراق من تحب، لا زيادتها ألمًا وحسرة .. وخاصة في مواساة من يرقد لديهم مريض في المستشفى يواجه مرارة الألم، وأنين الأوجاع .. وحتى إن فارق هذا المريض الحياة .. فهذا قضاء الله في الوجود .. علينا أيضًا أن ننتقي العبارة اللطيفة والكلام العذب..والرد الذي لا يكسر أفئدة من ينقل لهم خبر وفاة مرضاهم..من الأطباء الذين يفتقدون رقة وسلامة التعبير -سامحهم الله-.