منذ أن تمَّ الإعلان عن رؤية ٢٠٣٠م إلا وأصبح التخطيط للتحول الرقمي في كل القطاعات والمجالات هو المطلب في المملكة العربية السعودية لمواكبة استراتيجية الرؤية للتحول الرقمي. ولم يخلُ المجال التعليمي عن هذا التحول المذهل في قدرته على استمرار التعليم رغم الظروف المفاجئة المتمثّل أبرزها في تفشي وباء كورونا الذي أسرع من هذا التحول في ذلك القطاع الهام. كان التحول الرقمي بتعليم الطلاب في جميع المراحل التعليمية من خلال المنصات التعليمية، واستخدام الوسائل التكنولوجية لإنجاح إستراتيجية التعليم عن بُعد الذي أشاد سعادة معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ بنجاحه بقوله في ملتقى التعليم عن بُعد بتاريخ 29/08/1442: “لغة الأرقام تعبّر عن نجاح التعليم عن بُعد في المملكة.. واستشراف المستقبل برؤية طموحة” كما أوضح سعادته في تغريداته بأنه سيواصل في التعليم تحقيق رؤية سمو ولي العهد الطموحة في تعزيز المهارات والمنافسة عالميًا، وبناء الإنسان مصدر القوة والتمكين للوطن الغالي. ومن هنا وجب الحديث عن أهم خيارات إستراتجيات التعليم التي تواجدت في مملكتنا الغالية. فلو نحينا جانبًا ظرف تواجد جائحة كورونا لإيجاد إستراتيجية تعليمية أمثل في ظروف حياة طبيعية.
لأوجدنا تساؤلات مثل ماذا فقد التعليم باتخاذ منهجية التعليم عن بُعد وماذا وجد؟؟ وهل هو صالح لجميع المراحل التعليمية؟؟
في جواب سؤال “ماذا فقد التعليم؟”:
1. فقد الحضور والتآلف ما بين الطالب والمعلم.
2. فقد شمولية علم المعلم بحالة الطالب من الحضور الفعلي، ومن استنباط نفسية الطالب والصفات الشخصية، والمواهب التي يتميز بها الطالب.
3. فقد مهارات التواصل الاجتماعي، وتكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية فيم بين الطلبة؛ خاصة في المراحل التعليمية المبكرة.
وماذا وجد؟؟
1. حفظ الوقت المهدر في الوصول إلى مكان الدرس الحضوري.
2. تنمية القدرات الذاتية من تحمل المسؤولية، وثقة الطالب في نفسه، والاعتماد على النفس في تلقي المعلومة.
3. تنمية مهارات العصر المتمثلة في الاستخدامات التكنولوجية.
4. تقليل التكاليف التشغيلية المكانية والحضورية والزمانية، قد يُقابل تلك التكاليف تكاليف الاشتراكات في مؤسسات منصات التعليم عن بُعد، وهذه قد يتم علاجها من خلال توفر منصات تعليمية بإنتاج محلي ذاتي خاص. أو الشراكات مع تلك المؤسسات.
5. توفر المواد العلمية الإلكترونية في كل وقت مما يسمح للطالب في استرجاع المعلومات وقتما شاء، وبالتالي ترسيخ المعلومة وارتفاع الدرجات مما يحقق ارتفاع جودة المخرج التعليمي.
لكن هل من الممكن تحقيق الفائدة من كلتا الإستراتيجيتين، إستراتيجية الحضور الفعلي الجسدي وإستراتيجية التعليم عن بُعد؟؟
نعم. قد يتم ذلك من خلال الدمج ما بين التعليم عن بُعد والتعليم الحضوري، وهو ما يُسمى بالتعليم المدمج.
لكن من المهم حين اتخاذ تلك الإستراتيجية أن تتم دراسة المراحل الدراسية التي تناسبها تلك الإستراتيجية، تطور المعلم واستعداده التكنولوجي، حالة الطالب واستعداده النفسي والمادي والتكنولوجي وقدراته الشخصية، نوع المقرر الدراسي.
من رأيي الشخصي أري أن اعتماد تلك الإستراتيجية في المراحل التعليمية الأولى قد يحتاج إلى انتقال تدريجي مما يسمح بتوفر الدراسات التجريبية للحصول على أقصي استفادة وعدم الفقد.
أما في حالة التعليم العالي فيتوقف اختيار التعليم المدمج على نوعية المقرر الذي يتم فيه اتخاذ هذه المنهجية، وقد تتحدد عدد الساعات الحضورية من عدد الساعات اللا حضورية بمستوى المقرر الدراسي هل هو سنة تحضيرية وإعدادية مثلًا أو سنة تخرج؟
بنظرة متعمقة يكفي التعليم المدمج فائدة تنمية القدرات الذاتية والاعتماد على النفس، وقد تزداد الفائدة منه باستخدام إستراتيجية الفصول المقلوبة ( (Flipped Classroom وهي أن يقوم المعلم بتسجيل محتوى الدرس للطالب بنفسه ثم يزوده به من خلال المنصة التعليمية أو ـي وسيط إلكتروني كان. بعدها يقوم الطالب بمشاهدة المحتوى وتطبيق إنتاجيته العملية والواجب المتطلب منه في الوقت المناسب له. ثم في الفصل الذي يليه والذي يكون حضوريًا يتم تبادل الفائدة ما بين الطلاب الذين سينقسمون تلقائيًا إلى طالب أدي المطلوب من الدرس -حقق الفائدة- وطالب لم يؤدِ وطالب حاول ولم ينجح تمامًا. في ذلك الفصل الحضوري الذي يكون بإشراف المعلم يقوم الطالب المؤدي للواجب بمساعدة زميله الذي لم يؤدِ أو الذي لم يستطع وهكذا. بهذه الطريقة تنمو مهارات التعاون والثقة في النفس والقيادة والاعتماد الذاتي والتحفيز والتشجيع. ألا تأخذنا تلك الطريقة لتكون معبرًا لانتقال الطلاب إلى المرحلة العملية في التوظيف؛ حيث يكون الطالب جاهزًا للعمل والاعتماد على نفسه والتدريب الذاتي الذي نما لديه من خلال إستراتيجية التعليم المدمج؟؟ لا وقد تتحقق الفائدة الأكبر حين دمج آخر مرحلة في التعليم الجامعي عمليًا من حيث تطبيق الجزء النظري الذي تلقاه الطالب عمليًا في بيئة عمل حقيقية؟؟
كذلك من الفوائد لتلك الطريقة هو إتاحة الفرصة للطالب المتعلم الذي يعمل أن يوازي تعليمه مع تعاقده الوظيفي إن كان عمله أثناه عن تعليمه.
نعم إستراتيجية التعليم المدمج تحتاج إلى نظرة رضا؛ ليتم اعتمادها في الجامعات السباقة للتميز، وبالأخص مع توفر المناهج الإلكترونية التي توفرت في ظل جائحة كورونا.
لكن ماهي التحديات للانتقال لتلك الإستراتيجية؟؟ أهم التحديات بعد موافقة وزارة التعليم هو الإبقاء على جودة المخرجات التعليمية بالموافقة، والمواءمة مع هيئات الجودة والاعتمادات الدولية والمحلية المأخوذة في الجامعات على اعتماد مثل تلك الإستراتيجيات. يليه تحدى استعداد المعلم التقليدي لاستخدام هذه الإستراتيجية..
مميزه كعادتك دكتوره ذكرتي الايجابيات والسلبيات للتعليم المدمج بشفافيه شكرا لكي ولقلمك