أثناء حضوري لندوة علمية تتعلقُ بالاختبارات الدولية وتحصيل التلاميذ، دار نقاشٌ طويلٌ بين عدد من الحضور حول أصل المشكلة، والتي هي انخفاض أداء تلاميذنا على الاختبارات الدولية. كان معظم التركيز الأساسي على نقطتين فقط لا غيرهما المناهج الدراسية، وتدريب الطلاب على طريقة أسئلة الاختبارات الدولية من أجل تحقيق نتائج أفضل.
هُنا لابد من إيضاح لعدد من الحقائق:
أولًا: الاختبارات الدولية أو المحلية ليست الطريقة الوحيدة التي يتمُّ بها قياس أداء التلاميذ. بل هي طريقة واحدة من أنواع مختلفة للقياس وتقييم الأداء، ولكن الاختبارات أكثرها شيوعًا.
ثانيًا: من الجميل أن يتم تقييم أداء تلاميذنا مع تلاميذ دول أخرى يعكسون ثقافات متعددة، ونظم تعليمية متنوعة، ولكن المبالغة في جلد الذات أو التقليل من الجهود التي تُبذل ليس جميلًا.
لماذا ليس جميلًا؟
لأنه ليست كل دول العالم مشاركة في هذه الاختبارات. بل لو شاركت جميعها لحقق تلاميذنا مستوى أعلى من المتوسط مقارنة بالآخرين الذين لم يشاركوا بعد. لقد بلغ عدد الدول المشاركة في اختبارات القراءة الدولية في عام 2016م 65 دولة فقط من أصل ما يقارب من مائتي دولة حول العالم؛ لذلك يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار.
ثالثًا: لابد من تأسيس اختبارات محلية ذات معايير أو مؤشرات وطنية؛ لاستخدامها بجوار مؤشرات الاختبارات الدولية؛ حيث سيساعد ذلك في رؤية الواقع بطريقة أكثر دقة من الاعتماد على جانب واحد فقط.
رابعًا: أشارت عدة دراسات إلى وجود ارتباط وثيق بين انخفاض تحصيل التلاميذ في مادة الرياضيات وضعف القراءة لدى التلاميذ؛ حيث إنه حل بعض المسائل الرياضية يعتمد على مقدار فهم المقروء لدى التلميذ واستيعابه للمفردات الجديدة، ومدى سرعة قراءته للسؤال الذي ربما وضع له دقيقة واحدة في الاختبار.
إذًا جزء من الحل هو تطوير مناهج القراءة والكتابة في رياض الأطفال والصفوف الأولية؛ ليتم تدريب التلاميذ على مهارات القراءة الأساسية، ومن ضمنها الطلاقة في القراءة وفهم المقروء والقراءة الناقدة؛ حيث إتقان التلاميذ لهذه المهارات في مرحلة عمرية مُبكرة سيزيد من ثقتهم بأنفسهم أثناء تأديتهم للاختبارات مستقبلًا. بالإضافة إلى إنشاء أقسام متخصصة في القراءة والكتابة بالجامعات مشابهة للأقسام الموجودة في الجامعات الغربية، والتي تُعرف بـ(Literacy department). هذه الأقسام تكون مهمتها هي دراسة وتطوير تدريس مهارة القراءة باستمرار بناءً على الأساليب الحديثة مثل: الدراسات التي تختص بالدماغ وعلم النفس وطرق التدريس.
خامسًا: تُعد مهارة القراءة أول مهارة ذات تحدٍ يتعلمها التلميذ؛ لذلك إتقان التلميذ لهذه المهارة سيخلق لديه تصور رائع عن ذاته وإمكانياته بأنه قادر على اكتساب المهارات الأخرى؛ حيث إنه أول تحدي هو الأصعب. وبالمقابل فشل التلميذ سيخلق لديه تصور سلبي بأنه عاجز، ولا يستطيع تعلم المهارات.
أخيرًا الحل السحري يكمن في استمرار عملية التطوير للعملية التعليمية وتعاون الجميع وتكاتف الجهود، وعدم جلد الذات من أجل مستقبل مشرق لأبنائنا.
أوافقك الرأي تماما وأبدى لكم أعجابي وكل الأمنيات لكم بدوام الصحه والسعاده.
ونأمل فالقريب العاجل أن نرى ذلك واقعا ملموسا يعانق القمم.
شكرًا لك أخي محمد.
بإذن الله بتعاوننا جميعا.