السلطان العُماني وأول زيارة خارجية
يقوم السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان بزيارة للمملكة العربية السعودية كأول زيارة خارجية لفخامته منذ توليه السلطنة في شهر يناير من العام الماضي، وتكتسبُ هذه الزيارة أهميةً بالغةً تأتي في ظروف سياسية واقتصادية يمرُّ بها العالم أجمع وتمرُّ بها المنطقة، وقد ساهمت جائحة كورونا في تعاظم آثارها، وكما تأتي بعد فترة من الضبابية التي غُلفت بعض المواقف السياسية لسلطنة عُمان في السنوات الماضية، والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان قيادة وشعبًا يعيان أن تحديات المستقبل لن يتم تجاوزها والمشاركة في صناعتها إلا بتعاون وتنسيق عملي بين الدول، كما أن تشكل دور محوري لسلطنة عُمان بقيادتها الجديدة وعُمان تمتلك توازنًا فعالًا يُبشر بمستقبل واعد للمنظومة الخليجية والعربية إذا ما تعاضد مع ما تطلع به المملكة من مسؤوليات وأدوار، وقد تجلّت بوادرها بالزيارة الميمونة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله – ويمكن قراءة أهمية هذه الزيارة في جوانب كثيرة أهمها في جانبين:-
الجانب السياسي، ويعتبر ملف حرب اليمن الملف الساخن الحاضر بقوة في هذه الزيارة لما ترتبط به سلطنة عُمان من علاقة قوية بكل المكونات اليمنية، ولما قامت به من جهود وما نظّمته من لقاءات وحوارات مع الأطراف اليمنية، ولما تقوم به المملكة العربية السعودية من قيادة تحالف إعادة الشرعية في اليمن، وكونها أكبر دولة داعمة للحكومة الشرعية وكافة الشعب اليمني على كل الأصعدة وفي كل المجالات.
ويأتي الملف الثاني، وهو البرنامج النووي الإيراني وعلاقة سلطنة عُمان بإيران والملف النووي الإيراني على وجه الخصوص إذا ما استرجعنا استضافتها لحوارات إيران مع أمريكا والدول الأوروبية الذي تمخض عنه الاتفاق النووي.
ثم يأتي مجلس التعاون الخليجي الذي شهد فتورًا وثقلًا في حيويته ونشاطه كملف له أهميته الهامة، فالدولتان أعضاء بالمجلس وتُشكلان أكبر الأعضاء مساحة وسكانًا وتطابق الرؤى بينهما يمخر بالمجلس عباب المستقبل؛ إضافة للقضايا العربية والعالمية الأخرى التي يُشكل توافق الدولتين فيها أهمية بالغة.
وأما الجانب الاقتصادي فتُشكل الزيارة فرصة قوية لتعاون يعول عليه أبناء البلدين وأبناء الخليج الكثير؛ لثقل الدولتين الاقتصادي، وما يمتلكانه من مقومات وثروات وإرادة سياسية، وكل منهما أعلنت عن خطة إستراتيجية للنهوض ببلديهما واستشراف المستقبل، وتنسيق الجهود وتكامل الرؤئ 2030 السعودية و2040 العُمانية ما يقود الخليج لمنافسة القوى الاقتصادية العالمية كما أن تشكيل الدولتين لمجلس أعلى للتعاون والتنسيق، والعمل على افتتاح المنفذ والطريق البري بين الدولتين؛ إضافة لمشاريع حيوية أخرى يدرسها الجانبان كإنشاء منطقة صناعية بين الدولتين، ومشروع إنشاء خط للنفط والغاز السعودي إلى السواحل العُمانية على بحر العرب، وغيرها من المشاريع التي تهم البلدين والشعبين تُعد خطوات عملية علمية لقيادة الدولتين.
وقد ظهر واضحًا أهمية الزيارة مما أعدته المملكة العربية السعودية، ومهّدت به لهذه الزيارة والحفاوة التى لقيها فخامته من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله -.