جاءت زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد إلى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خلال اليومين الماضية في ظروفٍ استثنائية على الصعيد الدولي، دوليًا مازال العالم يعيش تحت وطأة جائحة كورونا، ومع ماترتب عليها من إعادة ترتيب للأوراق الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
مما لا شك فيه أن اختيار السلطان هيثم بن طارق للمملكة العربية السعودية كوجهته الأولى، جاء لاعتبارات عديدة منها: الثقل السياسي الكبير والعُمق الإسلامي والعربي للمملكة، وكذلك طبيعة العلاقات الأخوية بين البلدين؛ إضافة إلى القيم والمصالح المشتركة، والتي تنطوي تحت مظلة العمل الخليجي المشترك.
إن المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان في خضم تحول اقتصادي كبير، بدأ من خلال وضع الرؤى الاقتصادية للعقود القادمة، وهذا التحول في معظمه يركز على الإصلاح الهيكلي الاقتصادي من خلال تنويع مصادر الدخل واستثمار الموارد ولا تخلو عملية الإصلاح الاقتصادي دومًا من بعض العوامل المتغيرة مثل: تقلبات أسعار الطاقة، وتحولات تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبعض الصعوبات الفنية والتقنية.
إن البيان المشترك الصادر في نهاية الزيارة بين طياته وعد اقتصادي -بعون الله- يحمل الكثير من المُبشرات الإيجابية لكلا البلدين والشعبين الشقيقين. واستحداث مجلس تنسيقي سعودي-عُماني يضع الإطار التنظيمي لتعزيز التعاون والتكامل الشامل بين الاقتصاد السعودي والعُماني.
إن فرص التعاون والتكامل الاقتصادي بين المملكة والسلطنة واردة في العديد من المجالات مثل: التعاون في الصناعات البترولية والبتروكيماوية، وصناعة الأدوية والأمن المعلوماتي، والأهم النقل والخدمات اللوجيستية. إن كلا البلدين في موقع جغرافي إستراتيجي يعززًّ من فرص النمو الاقتصادي المحلية، وعند الحديث عن النقل والخدمات اللوجيستية لا يمكن إغفال مشروعين مركزيين هما نيوم والدقم. مدينة نيوم ذات الموقع الإستراتيجي لالتقاء القارات الثلاث (آسيا-إفريقيا- أوروبا)، وبقدرات عالية على الاستدامة وتكوين وتأسيس يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وعلى الجانب العُماني تقع مدينة الدقم على بحر العرب بارتبط بحري مباشر بأهم خطوط الملاحة الدولية البحرية، وأعتقد أن الربط بين المحورين الجنوبي والشمالي سيولد قدرة لوجيستية هائلة تخدم الاقتصاد العالمي وإقليم الشرق الأوسط عمومًا، وتُشكل فرصًا استثمارية لمشروعين واعدين.
إن الإعلان عن الإستراتيجية الوطنية السعودية للنقل والخدمات اللوجيستية تعطي فرصة واعدة لقطاع النقل والمؤسسات الاستثمارية في المملكة نحو استثمار هذه الفرصة في إنشاء محور لوجيستي سعودي-عُماني سيعود بالنفع على المملكة والسلطنة في تنويع القاعدة الاقتصادية، وكذلك في إيجاد ممر بحري وبري حيوي يُعيد الحياة لطريق كان موجود قديمًا ولكن بشكل عصري، طريق البخور الجديد، وهناك تجارب جديدة ممكن الاستفادة منها مثل: طريق الحرير الجديد.