رشِاش بين الحقيقة والخيال

بمجرد تتابع أحداث (مسلسل رشاش)؛ الذي من المفترض أنه يُجسد قصة حقيقية عن أكبر مجرمي السعودية في حقبة الثمانينيات، وصراع الأمن معه، تصدر هذا المسلسل أوسمة مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، فتبين للجميع من خلال أروقة هذه الأوسمة أن هناك صراعًا محتدمًا على تقبل هذا العمل، فحدة ساحات مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، بين من هو معترض على المحتوى، ويعتقد أنه يُسيء للمجتمع ولبعض العائلات العريقة في المملكة، وبين من يراه أنهُ نقلة نوعية في المشهد الدرامي السعودي، ولابد من أن نرى مثل هذه الصراعات، فهذا الصراع يصنع المتعة لدى المشاهد.

“أي أن هذا النشوب سببهُ الأساسي نقل الواقع (بحذافيره) على مرأى الجمع في مساحة وحجم التلفاز”

ففي اعتقادي ليست الدراما هكذا -كما يعتقد الكثيرون- مرآة للواقع ولا انعكاسًا أيضًا له، وإنما هي في الأصل حالة تمرد على الواقع، وحالة هيمان مع الخيال، وزراعة رؤى مسيري العمل، فاستسلامنا مع مقولة إن الدراما بمختلف أنواعها، وأنماطها إنما هي نقل للواقع المعاش من كل النواحي سواء السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، والثقافية، هذه المقولة ليست من الصواب في شيء، الدراما؛ هي نوع من التعبير الأدبي التي تؤدي تمثيًلا في المسرح أو السينما أو التلفاز أو الإذاعة، أي أن الدراما مبنية على التمثيل وتمرد على الواقع والحقيقة، وإن كانت هناك اقتباسات من قصص الواقع، فلا يتعدى كونهُ اقتباسًا وأرضية للخيال، فهناك من يكيف هذا الواقع للخيال، فالأصل في الدراما هو الخيال وليس الواقع، التمثيل وليست الحقيقة.

فبهذا المنطق سنعي أن كل ما يتقدم في المسرح أو السينما أو التلفاز أو الإذاعة، من دراما أنه يدور في فلك الخيال، وإن اقترن هذا الخيال بالواقع، فهل من المعقول أن (السينارست)، كان ملازم لصيقًا لـ(رشاش) لدرجة يعلم خفايا لم يعلمها غيرهِ، فعلى سبيل المثال؛ هل يدرك الكاتب مجريات رؤى وأحلام رشاش؟، وكيفية التعبير اللفظي والحركي عند غضبه؟ ، وغيرها من الأسئلة التي سندرك أن إجاباتها تكون في كلمة خيال المؤلف.

“مؤلف العمل كاتب سيناريو بريطاني/ توني جوردن”