كلمة مكة

حج استثنائي.. ثانٍ

“الاستثنائي” وصف يُطلق عن استحقاق وجدارة على موسم الحج لهذا العام للمرة الثانية.
فهو استثنائي؛ لأنه يأتي في ظروف غير عادية مع استمرار وتفاقم جائحة كورونا، وظهور تحورات للفيروس تُهدد أقوى وأعتى الأنظمة الصحية في العالم.

واستثنائي انطلاقًا من خطة المملكة الاستثنائية للموسم الثاني للجائحة التي جنَّدت بموجبها كل الطاقات والمقدرات، واستفادت فيها من تجربتها في إدارة المواجهة باحترافية مع الفيروس.

واستثنائي؛ لأن الواقع يؤكد أن خدمة 60 ألف حاج لا تعني أنها تستلزم جهدًا أقل، فالمساحة التي يتحرك فيها الحاج لم تتقلص، والمحطات واجبة التوقف كما هي والعبادة توقيفية في زمانها ومكانها.

المملكة وجدت نفسها قبل أن تبدأ استعداداتها لموسم الحج السابق 2020 ووسط تفاقم الجائحة على مستوى العالم أمام عدة تحديات تتمحور في عدة خيارات:

الأول: عدم تنظيم موسم الحج أي تعطيل الفريضة.. وبغض النظر عن تربص الحاقدين فإن احترام المملكة – حكومةً وشعبًا – لالتزامها بالمسؤولية التي شرفها بها رب العزة والجلال لم يكن يحتمل هذا النمط من التفكير رغم أن الشعيرة عطلت أكثر من مرة على مدى التاريخ الإسلامي.

الثاني: هو المُضي قدمًا في تنظيم الموسم كالمعتاد مع أخذ المملكة كافة الإجراءات والاحترازات؛ ولتتحمل الدول مسؤولياتها تجاه حجاجها.
لكن المملكة لم تكن يومًا من الدول لتتنصل من التوابع حتى لو جاء التقصير من غيرها، ولا تتخلى عما تراه مسؤوليتها، وما يفرضه عليها موقعها الريادي في قلب العالم الإسلامي.

الثالث: وهو ما حدث انطلاقًا من أحد ثوابت المملكة، وهو “الإنسان أولًا” فكان القرار بألا تعطل الشعيرة، وينظم الموسم بأعداد رمزية تُمثل فيها كل الجاليات الإسلامية المقيمة في المملكة؛ ولتكن فرصة لتكريم جنود الوطن ممن واجهوا الفيروس في الصفوف الأولى من الممارسين الصحيين ورجال الأمن.

وجاء الموسم الحالي بعددٍ من المتغيرات، والكثير من المبشرات، فتم تطعيم أكثر من (٢٢) مليون من المواطنين والمقيمين بما يحقق قدرًا كبيرًا من “المناعة المجتمعية”.. ومن ثم تقرر مضاعفة العدد عشر مرات ليصل إلى 60 ألفًا من المواطنين والمقيمين بمعايير اختيار تضمن العدالة، وتم تجنيد كافة الإمكانات لموسم حج استثنائي ثانٍ.. وبالتالي لم يعد هناك من بديل سوى موسم حج ناجح ومتميز يليق بمملكة الإنسانية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button