عبدالرحمن الأحمدي

خِطابْ خالدْ

أي فضيلة تحملها في مستقر نفسك الراقية؟ أي ضمير حي وخير كبير سكن ومازال يسكن في دواخلك؟ أي معروف متواصل نقش ذلك الشهيد الراحل أجمل حروفه الشامخة في أعماقك؟ أي مهابة دائمة تستيقنها بصائرك لحمى البيت العظيم؟ أي فكر نير وبعد نظر فريد تحتويه مداركك تجاه المكان المقدس؟ أي خطاب خالد حُررت جمله وكُتبت كلماته ونُثرت حروفه المُخلصة للورى؟ أعطيت المعنى السامي لمن تسابقوا في تجارة كاسدة وسط شراب وأطايب مباحة اختلطت بمحرمات مؤلمة وأشد إيلاما في أطهر الأرض. مالهم ألا يتفكرون؟ مابهم ألايتعظون؟ بل ألايتأملون لأحداث وقعت؟ وقصص عابرة مضت؟ أليس منهم رجل بصير؟ أليس فيهم رجل حكيم؟ فلا يجتمع نور الحق من السماء مع صخب أبواق الباطل في الثرى، ولا تجتمع أصدق أصوات مآذن الهُدى من البيت العتيق مع ضجيج قبيح المزامير. لهف ولهث لمطامع مالٍ زائل لن يُغني، ولن يُفيد في يوم مشهود لاينفع الحضور فيه إلا لأصحاب القلوب السليمة.

كأنك بالأمس القريب نسجت ومازلت تنسج اليوم خيوط جميل ملامح القدوة السامية وتفاصيلها النبيلة. فكان فوق الثرى الكثير قد أخذ بها وتسارعت الخطى هنا وهناك للمزيد من اصطحاب الجمال والكمال الأخلاقي في حياتهم. وكأنك كنت ومازلت رجل مناسب في مكان عظيم، وكأنك كنت ومازلت مبعوث لبناء الإنسان وارتقاء المكان. وكأنك كنت ومازلت تبحث عن الصفاء والنقاء في أقصى وأدنى المكان والزمان. ومن المؤكد أنك وبلا أدنى شك تعلم أن مكة أحب أرض الله إلى الله تعالى، وأحب البقاع إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب البلاد إلى أفئدة جميع المسلمين ففيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة ولذلك جعل الله فيها البيت العتيق أول بيت وضع للناس، وجعلها قبلة لكل المسلمين وجعلها حرما آمناً. تمضي عقود العمر بهدوء وتمتلئ جل المدارك يقيناً وإيماناً، ويُلهم العقل حكمة، ويزيد الفكر وضاءةً، وتُعطى النفس عزة، وتبعث للقلب أنفاس مطمئنة وأنت لاحرمك الله كل ماذُكر.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button