ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- خطابًا في20/7/2021م بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، موجهًا للعالمين العربي والإسلامي، باعتباره قائدًا وزعيمًا للمسلمين في أنحاء العالم، وهي قيادة روحية تعتزُ بها السعودية، وتعتبرها من أكبر النعم التي حباها الله بها.
كما أشار الملك سلمان -حفظه الله- إلى أنها مشاركة في هذا التعاون والتضامن بجانب تضافر الهيئات الدينية في إنجاح هذا الحج، التي ثمَّنت هذه الدول الإجراءات التي اتخذتها السعودية عندما حرصت على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وأيضًا المساهمة في محاصرة هذا الوباء، ومنع انتشاره، في ظل هذه الجائحة، وما فرضته من قيود وآثار على العالم بأسره.
نجحت السعودية في زيادة المناعة المجتمعية التي وصلت إلى نحو 70 في المائة من السكان، عبر تقديم أكثر من 22 مليون جرعة من لقاح كورونا للمواطنين والمقيمين، حتى تمكن 17 مليون من أداء العمرة، ورفع الطاقة التشغيلية للحرمين الشريفين، وتمكين قاصديها من أداء المناسك في بيئة صحية آمنة.
ما جعلها تقصر الحج على المواطنين والمقيمين في السعودية، وراعت أن تُمثل شرائح الحجاج جميع الدول الإسلامية وغيرها من إخواننا وأخواتنا المقيمين على أرض السعودية.
ضحَّت السعودية بالموارد المالية التي تحصل عليها من إيرادات الحج التي تصل إلى أكثر من 50 مليار ريال، لكنها وجدت أن هناك تمحورات لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، وبشكلٍ خاص في الهند وإندونيسيا وإيران وفي دول أخرى كثيرة؛ حيث رصدت السعودية آلاف التحورات والطفرات لكورونا، 4 منها فقط مثيرة للقلق (ألفا – بيتا – غاما – دلتا) يُعد الفيروس المتحور “دلتا” أشدها خطورة بسبب سرعة انتشاره، وتلقي جرعة واحدة لا تكفي من اللقاح لمقاومة فيروس “دلتا”؛ لذلك شددت وزارة الحج والعمرة على أن من شملهم الترشح للحج أن يكونوا قد تلقوا جرعتين، وهو ما ساهم بفضل الله سبحانه وتعالى من خلو حج عام ١٤٤٢هـ من أي إصابة جعله حجًا استثنائيًا من جميع الجوانب الصحية والأمنية والتنظيمية.
كانت تضحية الدولة بالإيرادات المالية من أن جعلت صحة الإنسان أولًا؛ حيث أكد الملك سلمان في كلمته من أن الحج لمن استطاع إليه سبيلًا؛ حيث تنطلق السعودية من حديث عبد الرحمن بن عوف الذي سمع عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ) يقصدون “الطاعون”، وإذا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بها فلا تَخْرُجُوا مِنْها) فالمسلمون هم أوَّل من طبّق الحجر الصحي.
أيضًا تنطلق السعودية من مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس الإنسانية؛ حيث كرّم الله الإنسان واستخلفه في عمارة الأرض، ونظرًا ما يمرُّ به العالم من تفشي الجائحة وتحورها المستمر.
بل كان للسعودية تضحيات عالمية عند قيادتها لمجموعة العشرين عندما قدمت نحو 723 مليون دولار للمساهمة في مكافحة كورونا، وقدَّمت 500 مليون دولار لدعم الجهود الدولية خلال استضافتها قمة الـ20، وأنفقت في الداخل السعودي فقط في عام 2020 أكثر من 61 مليار دولار.
أشار الملك سلمان -حفظه الله- في خطابة إلى نجاح التطبيقات الحكومية التي أطلقت خلال الجائحة، تمكنوا من أداء مناسك العمرة، والصلاة في الحرمين الشريفين بكل يسر وطمأنينة، سالمين من آثار تفشي فيروس كورونا المستجد.
هذه الجائحة مكَّنت السعودية من اكتساب خبرة وتجربة جديدة تُضاف إلى الخبرات السابقة التي تمتلكها السعودية التي مكَّنتها في مواجهة الجائحة أكثر من بقية دول العالم في إدارة الحشود في مواسم الحج المُقبلة التي تركز على التقنية من أجل التقليل من الكوادر البشرية في إدارة الحشود، وتنظيم الحج وسرعة ودقة الأداء، يُسمى بالحج الرقمي، الذي يسَّر التنسيق بين كافة الجهات ذات العلاقة المشتركة في الحج بين الجهات الأمنية والمدنية تيسر من حركة الحشود التنظيمية رقميًا.
ركزت الدولة في موسم هذا الحج على مؤسسة خدماتها الأمنية والصحية، وتحويل مؤسسات الطوافة إلى شركات وتحويل نقابة السيارات أيضًا إلى شركة، وفق المعايير الاقتصادية، بجانب تدشين وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف مدينة أمنية للقوات الخاصة لأمن الحج والعمرة في محافظة الجموم.
————————-
أستاذ بجامعة أم القرى