أشرتُ في مقالي السابق تحت عنوان “الحج الرقمي مستقبل ذكي..” إلى سباق الجهات المُشاركة في تقديم الخدمات الرقمية المتنوعة لضيوف الرحمن بدقةٍ وجودةٍ عالية، وكيف ساهمت التقنية في سهولة التعامل، وإنهاء الإجراءات عن بُعد تحقيقًا لشعار التباعد الاجتماعي؛ بهدف الحرص على سلامة ضيوف الرحمن.
في هذا المقال سوف أتناول موضوعًا حيويًا وهامًا، وهو أحد مقومات الحج وأركانه الشخصية بالنسبة للحاج ألا وهو موضوع الإعاشة في الحج.
فقد وفرت حكومة المملكة كل مقومات النجاح للحج الاستثنائي لهذا العام ١٤٤٢هـ. والكل عمل بجدٍ وإخلاص، فتحقق المستهدف الرئيسي المقصود وهو (الأمن والأمان وسلامة ضيوف الرحمن)، ولكن بقى ملف الإعاشة هاجس الكثير من الحجاج، وهو على المستوى الشخصي أكثر ما عكّر مزاج الغالبية منهم هذا العام.
وبفضل الله حين تقترب الأعمال من الكمال، وحين يعمل الجميع بجدٍ وإتقان تتمايز الأعمال، ويتمايز المخلصون مما يُظهر جانب التقصير جليًا للعيان، وتأتي الإجابات. اكتمل الأمن واكتملت الصحة، واكتملت التقنية، وأخفق النقل والإعاشة والمرافق الصحية في بعض المخيمات فمن المسؤول؟ ولماذا؟ لماذا لم ينهضوا؟!
كيف قصَّر المسؤولون، ولو أنهم أخلصوا واجتهدوا لجوّدوها، وكان تجويدهم صدقة.
نحن في زمن عمل وهدف وإتقان لا اتّكال. وكل شيء مكتوب في رؤية واضحة وشفافة للعمل، والسير إلى هدف لا للقراءة، والوقوف فالتعطيل.
لن نقول إنه تقصير متعمَّد، لكنه بكل تأكيد خطأ غير مبرر بحق الحجاج، والكل ينتظر الإجابة هل هو بسبب الازدواجية أو بسبب مسؤوليات لم يتم تحديدها وتوزيعها جيدًا، ولم يعرف المقصرون أدوارهم ليتقنوا؛ أم أنهم لم يعرفوا مدى أهمية أعمالهم، وتواكلوا على الجهات المسؤولة الأخرى؟؟؟
التساؤل المُثير للتعجب كيف كان يتم الحج مسبقًا قبل الجائحة، وكان ينجح من حيث التفويج والنقل والإعاشة ؟؟ هل السبب تعقيدات زائدة؟؟ أم أنه تهاون زائد؟؟
فمن جانب الإعاشة، كانت الوجبات غير قابلة للتناول البشري ذات رائحة ومنظر غير مرضٍ. المُثير للغضب أنها مسؤولية إعاشة لضيوف الرحمن، ومع أنهم لازالوا حجاج الداخل فلذلك حمدًا علمهم بمدى جودة الحياة في مملكتنا. كيف لو أنهم آتوا من بلاد بعيدة، وكانت ذكراهم طعام غير جيد !!
ومن جانب النقل، كانت هناك تعطيلات وإيقافات لحركة نقل الحجاج غير مبررة، وكما يُقال في المثل الحج نقل وأكل، فإذا فشل النقل والأكل فشل الحج؛ فكيف يخفق هذان الاثنان؟!
بعض المقترحات لتفادي القصور في السنوات القادمة:
1. لابد من استكمال جهود حكومتنا الرشيده في العمل على جودة حج بيت الرحمن، ووضع معايير جودة تطبيقية مكتوبة في كل جهة مسؤولة.
2. التعامل مع شركات لوجيستية متخصصة؛ لنقل الغذاء ومصرح لها لتفادي تعطيلات المرور، والحركة الأمنية.
3. نظام رقمي أمني يُنظم تلقائيًا حركة سير السيارات والباصات والناقلات المصرح لها؛ بحيث يكون مزودًا بقاعدة بيانات دائمة التحديث؛ بحيث يمنع النظام الوقوف، وتعطيل سير عمل الناقلات.
4. إعادة فلترة تصاريح شركات الإعاشة والتموين بما تقتضيه شروط الجودة وشروط الوزارة المحدثة.
5. الإعداد والتزويد بشروط الإعاشة قبل فترة كافية؛ لمنح الفرصة لاستعدادات المطابخ والشركات.
6. تحديد مؤسسات تموين تحتوي على مطابخ في مكة؛ بحيث يتم إعداد الغذاء وتجهيزه، وإيصاله بجودة عالية وزمن مناسب، وإن كانت مسبقة التجهيز.
7. إيجاد مطابخ جديدة ومجهزة لالتزامات الحج؛ بحيث يتم فيها إعداد الطعام المتنوع، ويُفضل أن يتم إعداد طبخات شرقية، ومن الأكلات المشهورة في مناطق بلادي؛ بهدف الذكرى الطيبة عن مأكولات بلادي؛ بالإضافة إلى زاد الحجاج الصحي.
8. من المهم تجهيز مرافق صحية في المخيمات تليق للاستخدام البشري.
في الحقيقة كلنا مسؤول عن نجاح الحج، ولعل ظرف كورونا لاختيار ستين ألف حاج إلا لأن فيها درس حتى يُلاحظ القصور، فيجوَّد المجتهد ويطيب الطيب، ويتم الاستعداد والتجهيز للسنوات القادمة بأعداد كثيرة من الحجاج؛ وبإذن الله يتحقق الكمال كما أراده الله لحجاج بيت الرحمن، وكما سخر له قيادة عليا بقوة عظيمة قادرة على إتمام هذا الكمال.
في الختام
ننتظر بيان أمانة العاصمة المقدسة وطائفة الإعاشة التابعة لها لتوضيح أسباب الإخفاق في الإعاشة والرد على بيان تموين السعودية، كما ننتظر من وزارة الحج والعمرة الإعلان عن آخر ما توصلت له نتائج التحقيق مع الكيانات المقصرة في الإعاشة.
مقترحات مفيده وملحوظات جيده اتمني من اصحاب بعض المخيمات النظر لها شكرا دكتوره مميزه الطرح كعادتك