القارئ في أدبيات التربية والتعليم يجد أنه المناداة بتوظيف التقنية في تطوير التعليم، وإحداث قفزات نوعية ليس موضوعًا حديثًا بسبب البحث المستمر عن كيفية تطوير، وتحسين التعليم من قبل الباحثين والمستثمرين ومسئولي التعليم وغيرهم. لكن ما حدث في عام 2020م من تحول إلى التعلم الإلكتروني الكامل يعدُّ حدثًا غير مسبوق عالميًا في مجال التعليم من حيث تحول كامل المدرسة بكل صفوفها ومعلميها للتعلم الإلكتروني. بسبب هذا التحول المفاجئ يوجد عدد من العيوب للتعلم الإلكتروني الكامل، ولكن الأهم هو معرفة المزايا وتوظيفها في تطوير التعليم لتقديم خدمة تعليمية ذات جودة أعلى، وتخدم مسار التطوير، وهذا ما سيركز عليه هذا المقال. من هذه المزايا على سبيل المثال:
أولًا: إمكانية تأسيس ملف إلكتروني شامل للتلميذ يحفظ درجاته وأعماله ونقاط قوته وضعفه ومشاركته البارزة على مستوى المدرسة أو خارجها؛ بالإضافة إلى حفظ ملاحظات المعلمين حول تقدم مستوى التلميذ. في السابق كانت الشهادة النهائية لآخر مرحلة تعليمية هي ما يمكن استخدامه من قبل جهات التوظيف أو الجامعات. لكن ماذا عن مهارات التلميذ وقدراته الإبداعية وأعماله السابقة المميزة قبل تلك المرحلة؛ لأنه بالتأكيد كل تلميذ لديه نوع مختلف من الإبداع والقدرات حسب نظرية الذكاءات المتعددة، ويمكن حصر قدراته في آخر شهادة لآخر مرحلة دراسية.
ثانيًا: تصميم منهج يراعي كافة المستويات مما يُتيح للتلميذ التقدم حسب مستواه الحقيقي؛ لأنه من التحديات التي تواجه المعلمين هي تنوع مستويات التلاميذ داخل الصف حيث لا يمكن الانطلاق مع الموهوبين دون مراعاة الغالبية ذات القدرات المتوسطة أو التلاميذ ذي القدرات المنخفضة. لكن تصميم المنهج الإلكتروني التفاعلي يسمح بتنوع المستويات؛ حيث إنه من الممكن إعطاء التلميذ حرية الانطلاق نحو المستوى الذي يُلائم قدراته تلقائيًا مع القضاء على الشعور بالحرج أو التوتر أو الخجل في حال انخفاض مستوى التلميذ بسبب المقارنة الدائمة مع الآخرين داخل الصف. مما يعني معالجة أحد أكثر المشكلات تعقيدًا داخل الصفوف الدراسية.
ثالثًا: إمكانية استخدام الكثير من الأدوات التعليمية في وقت ومكان واحد مثل الفيديو التعليمي، مشاركة العروض، المجموعات الصغيرة، كتابة المناقشات والأسئلة، تدقيق الواجبات مع سهولة اكتشاف الغش عن طريق برامج المطابقة المصممة خصيصًا لذلك، تلقائية التصحيح؛ حيث توفر الوقت والجهد بدلًا من التصحيح الورقي. أيضًا استخدام التحليلات المتقدمة لمعرفة كم وقت قضى التلميذ على المهمة التعليمية أو معرفة المهام الصعبة التي فشل فيها عدد كبير من التلاميذ مما سيسمح للمعلم بمعرفة الجوانب التي تحتاج لتطوير.
رابعًا: اختصار المسافات والزمن؛ حيث بإمكان التلاميذ والمعلمين الاشتراك في البرامج التعليمية التي تُقدمها مختلف الجهات محليًا وعالميًا في كافة المجالات دون الحاجة للسفر والتكاليف المادية.
خامسًا: توفير وقت المعلمين المهدر سنويًا في التحضير والإعداد الورقي عند حفظ الأعمال إلكترونيًا مع إمكانية التطوير عليها وسهولة تحديثها. أيضًا من الممكن تطويع التقنية لتقديم تحليلات متقدمة للمعلمين لمعرفة الأهداف التي تم تحقيقها ومستوى تفاعل التلاميذ معها؛ مما سيزود المعلمين بتغذية راجعة دقيقة عن أدائهم دون تدخل بشري.
في الختام التوظيف الصحيح للتعلم الإلكتروني ربما يكون الحل السحري الذي سيشبع نهم الموهوبين، وسيساهم في ارتقاء قدرات الجميع إذا تم التخطيط والتدريب والإعداد الكافي له مسبقًا.