قال صاحبي: هل الفن من أجل الفن كما كان يتمنى الرومنطيقيون، ويطالبون بتنقيته من الغائية والنفعية؟ هل اختلط الفن بالسياسة، وتحوَّل الفن السابع لأداة للتضليل، والدعاية، والحرب النفسية، والتسويق السياسي، وتصفية الحسابات؟
رغم أن السياسة ظاهرة اجتماعية وجدت مع الإنسان منذ القدم، والسينما حديثة النشأة، إلا أن العلاقة بينهما أصبحت وثيقة، قائمة على المنفعة المتبادلة، والتي تستهدف صناعة الوعي الجمعي والتأثير على الجماهير، وتوجيهها وقيادتها إلى حيث يريد صنّاع السينما ودهاقنة السياسة، الذين استثمروا حاجة الجماهير لهذه الوسيلة، فوجهوها لتشكل معارفهم، ومعلوماتهم، وتكوين صورتهم الذهنية عن الأحداث، والأماكن، والأفراد، والمجتمعات، والثقافات المختلفة، وهذا ما برعت فيه السينما تحديدًا؛ حيث تحولت من أداة للتسلية إلى أداه للتوجيه، وإحداث تغيير في الوعي والإدراك والسلوك.
ومن هذا المُنطلق تُعد السينما من أكثر الوسائل استخدامًا وتأثيرًا في المجال السياسي؛ بما تمتلكه من خصائص قد لا تتوفر لغيرها من الوسائل التي يعتمد عليها الجمهور في الترفيه، ولكنه ترفيه مشحون برسائل اتصالية إيجابية أو سلبية موجهة، نجدها أكثر بروزًا ووضوحًا في السينما الغربية، منها في السينما العربية، التي لا تخلو من رسائل سياسية، موجهة للداخل أو للخارج، “طباخ الريس” كان نموذجًا، فالسينما تمتلك القدرة على إحداث تأثير كبير في الرأي العام، من خلال استلهام قصصها من الواقع أحيانًا، ثم تقوم بنقله بطريقتها الخاصة، وترسيخ صورة القضية التي تريد معالجتها عن طريق تغيير الفكرة أو إعادة بنائها بشكل يُحقق الهدف من إنتاج الأفلام، وتمويلها، بمبالغ ضخمة.
فعلى سبيل المثال؛ شكّلت الرسائل السلبية المقصودة في مجملها، مع ما تحمله صناعة الأخبار الغربية من تصريح وتلميح مسيء للمسلمين، صورة قاتمة في العقلية الغربية، أدت لأعمال عنف وتنمر ضدهم، كان من نتائجها المجزرة التي وقعت على مسجدين في نيوزلندا، ولم يكن العرب والمسلمون وحدهم ضحايا السينما، فقد جُندت السينما لتحقيق مآرب متعددة تخدم الأيديولوجيات السياسية المختلفة.
فلم تُعد السينما مجرد صور وأحداث، ولكنها حقل واسع من الرسائل الظاهرة، والمستترة التي تتمثل في الإشارات والإيحاءات المختلفة، فالفيلم كالقصيدة الجزلة والخطبة العصماء يسبر النقاد غورها، إذا لم يكتفِ النقاد السينمائيون بتفكيك الحالة الفنية للفلم ونقده، ولكن الغوص فيما يعرف باللغة السينمائية المتمثلة في الرموز والدلائل (السيميائية) التي يوظفها الكتاب، والمنتجون في أعمالهم سواء بالحوار أو الديكور، واللباس، والأماكن والمسميات والمؤثرات الصوتية، وغيرها.
كان النازيون أول من سيّس السينما، للترويج لأيديولوجيتهم، وبناء الوعي الجمعي والتهيئة للحرب المقبلة؛ حيث كان هتلر ووزير دعايته جوبلز يراهنان على نجاح السينما كأداة تعبوية لنشر معتقداتهما النازية، وللتدليل على مكانة وأهمية السينما لدى النازيين، حضر هتلر وكبار المسؤولين العرض الأول لفلم “انتصار الإرادة”، والذي كانت تطغى عليها البصمة الأيديولوجية والرسائل الضمنية التي تصور هتلر بالزعيم المنقذ للأمة الألمانية.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وامتلاك القطبين العالميين آنذاك للسلاح النووي، قامت الحكومتان الأمريكية والسوفيتية بالبحث عن وسائل أخرى أقل تكلفة وخطرًا من الحروب الاستراتيجية، فتحول الاهتمام إلى استخدام القوة الناعمة وتحوَّلت الحرب العسكرية إلى حرب أيديولوجية، وظَّف فيها كل فريق خبراته بإنتاج الأفلام السينمائية التي تظهر الطرف الآخر بصورة سلبية، تنفر من الاقتراب منه، أو الإيمان بأفكاره، كان التفوق في هذه الحرب الباردة لصالح السينما الأمريكية.
تسيس السينما لم يقتصر على الغرب، بل انتقل للشرقين الأقصى والأدنى، فقد اهتمَّ النظام الإيراني بالسينما، وصناعة الأفلام الدعائية التي تحمل رسائل ومبادئ الثورة الخمينية الموجهة للداخل والخارج، وأسندت مهمة الإشراف عليها للحرس الثوري، الذي استغل البُعد الديني ووظّفه في إطار تعزيز قوتها الناعمة في المنطقة، ساعدها غياب مشروع سياسي عربي، أو على الأقل صناعة سينمائية عربية قادرة على إنتاج أعمال عربية تعزز الوحدة والأمن القومي العربي.
قلت لصاحبي:
السينما..سلاح لا غنى عن امتلاكه.. والتمكن من صناعته.
ايران يا سيدي منذ بداية الثورة علي الشاه و هي تسند مهمة الأشراف علي السينما للحرس الثوري ، والجهاز المشرف بداخله يتدخل مباشرة في صياغة الأفلام الايرانية لتحتوي علي رسائل و مبادئ الثورة الخمينية التي لا يؤمن بها اليوم في العالم من حسن حظنا الا المغررين بهم و الكهنة و الملالي ، نعم عززوا من خلال الافلام قوة ايران الناعمة في المنطقة ، و استطاعوا الي حد ما تجنيد البعض بسيناريو متقن و ممثل مبدع و ” بمنتج كاش ” و فيلم ، اما نحن فلله درنا و در ابينا مازلنا رغم المخاطر التي تحيط بنا نسند مهمة الإشراف علي الافلام للقائمين علي قناة ام بي سي و روتانا و لهذا اجازوا لنا فيلم لا معني له لقاطع طريق من القرن الماضي لقي جزاءه و افضي الي ما قدم و لا يحمل رسالة تذكر او رسالة تصب في مصلحة الوطن ، و كأننا بحاجة لافلام هي في قواميس الامن بمثابة مسدسات قادرة على ثقب رؤوسنا في ثواني.
تحياتي