ندرك أن ظهور المسئول عن أي قطاع خدمي في وسائل الإعلام للتعامل مع أي أزمة، وبما يواجهه من إحراج حينها تجاه أي تقصير قد يوقعه هذا الظهور في بعض الأخطاء دون قصد خلال الإجابة على تساؤلات واستفسارات الحوار الإعلامي التي تبحث أسباب ومعالجة أي مشكلة، ولاسيما إذا اتجه المسئول للتذاكي بأسلوب التبرير المراوغ الذي قد يكون مقبولًا، وقد لا يكون مقبولًا أمام الرأي العام مما يتطلب الحضور الفكري الثقافي بمهنية وشجاعة أدبية احترافية قادرة على إيضاح أسباب المشكلة أو الأزمة، والتعامل معها بكل اهتمام وتقدير يحترم عقول التنوع الثقافي للمجتمع.
فالمسئول الذي يُبرر أوجه القصور في قطاعه الخدمي بتقديم المبررات الخاطئة غير المقبولة إنما هو تهرب وتنصل من المسئولية، وكما شاهدنا تبرير مسئول شركة المياه الوطنية بمنطقة مكة المكرمة في التقرير الذي أعدته قناة “الإخبارية” الذي سلّطت فيه الضوء على معاناة أهالي محافظة ميسان (بني سعد- ميسان بني الحارث- حداد بني مالك- القريع بني مالك- ثقيف- الصور بني الحارث- أبوراكة) من تكرار معاناتهم سنويًا من انقطاع المياه المستمر صيف كل عام وتبريره غير المقبول في إجابته على سؤال مقدم البرنامج حيال عدم تبني الحلول الإلكترونية، وتوفير الخدمة عبر التطبيق المتاح في مدن ومحافظات أخرى بالمنطقة؛ حيث قال إن بعض الأهالي في محافظة ميسان لا يعرفون استخدام التطبيق، واطلب منهم الذهاب إلى مكتب سقيا القريع لأخذ الكروت مضيفًا أن طلب الخدمة عبر التطبيق غير ممكنه حاليًا؛ لأن هذه القرى تعتمد على الخدمة عن طريق البطاقات، وقد كان لهذا التبرير غير الموفق أثره السلبي النفسي على أهالي محافظة ميسان الذي يصفهم ذلك التبرير بالجهل تجاه استخدام التقنية؛ حيث أبدوا استياءهم وانزعاجهم من تلك المبررات التي لا تتوافق معا ما يعيشونه من نهضة حضارية علمية وثقافية وتقنية وفرتها لهم الحكومة الرشيدة بتوجيهات واهتمام ولاة الأمر -حفظهم الله- وتعاملهم العصري مع أدوات التقنية، ومنها التطبيقات الرسمية والأهلية مثل: تطبيقات المؤسسات التعليمية، وابشر وتوكلنا، وصحتي والنفاذ الوطني والاتصالات والبنوك والكهرباء وغيرها من تطبيقات القطاع الخاص التي لا يخلو منها كل بيت في محافظة ميسان.
وللأسف أن مثل هذه المبررات والمغالطات وتزييف الحقائق هو سياسة عقيمة من مسئولي شركة المياه الوطنية، كما أنها تشوش على جهود ومنجزات وطموحات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الأعلى عالميًا في إنتاج المياه المحلاة، وتتعارض مع توجهات وسياسة التحول الوطني والنهضة الحضارية الحديثة الذي يعيشها المواطن والمقيم.
كما أن تلك المبررات من شأنها الإضرار بمصالح محافظة ميسان الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية، وتهدر الجهود المبذولة في تنمية الاستثمار، وهي مبررات ظالمة تجاه ثقافة الأهالي وأبنائهم وأسرهم وتجاه ما تبذله الدولة من جهود ودعم في النهضة الحضارية والتحول الوطني، ومع الاحترام لهذا المسئول فإن هذا التبرير يصنف في فئة الفشل قياسًا بمؤشرات حل المشكلات وإدارة الأزمات، وكان الأجدر بمعالجة هذه المشكلة هو الاعتراف بالمشكلة التي تعتبر جزءًا من صقل العمل فالتقصير أمر وارد والاعتراف به هو بداية الحلول لدى الإدارة الحكيمة القادرة على تدارك المواقف العصيبة والقادرة على إيجاد الحلول، فالأحداث والأزمات لا بد وأن تحمل في طياتها فوائد ودروس وعبر يستفيد منها المسئول، ويعيد حساباته ويراجع المسار الذي يسير عليه بخططه وأسلوبه وإجراءاته؛ فإن كان ثمة خطأ فعليه أن يعترف به بدلًا من إيجاد المبررات الظالمة التي تقدم صورة مضللة ومغلوطة تمامًا أمام الرأي العام وأمام الدولة التي تبني إستراتيجياتها وخططها بناء على ما وضعته من ثقة في أمانة وإخلاص وأهلية المسئول في تحمل المسئولية.
ومن خلال زيارة البوابة الإلكترونية للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة يتضح فيها أن من مهامها إيصال المياه المحلاة المنتجة لمختلف مناطق المملكة العربية السعودية، ورؤيتها الريادة والتميز عالميًا في صناعة تحلية المياه، ورسالتها تلبية احتياجات عملائها من المياه المحلاة بكفاءة وموثوقية، وبأقل تكلفة ممكنة وأعلى مردود اقتصادي وتطوير صناعة التحلية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والالتزام بمعايير السلامة والبيئة، وبالعودة إلى مثل تلك المبررات وجدت أنها لا تتواكب مع رؤية ورسالة وجهود المؤسسة التي تحظى بدعم معنوي ومادي من القيادة الرشيدة وميزانيتهم المالية عاليه؛ فعدد المحطات على الساحلين الغربي والشرقي يكفى لسقيا جميع مناطق المملكة والمؤسسة لم يكن مهمتها إنتاج المياه فقط، وإنما بناء منظومة نقل شاملة عبر خطوط نقل ذكية وخزانات حفظ استيعابية، ومن خلال زيارة البوابة الإلكترونية لشركة المياه الوطنية اتضح أن تلك المبررات لا تتواكب مع رؤية الشركة التي تنص على تقديم خدمات مياه مستدامة ذات جودة عالية في كافة مناطق المملكة؛ لتحسين جودة الحياة اليوم وفي المستقبل ورسالتها تنصُّ على السعي إلى توفير المـياه وخـدماتها، وتحـسين مـستوى الـجودة في جـميع أنحاء المملـكة.
والسؤال الذي يطرح نفسه…
أين موقع شركة المياه الوطنية من قطاعات الدولة التي حققت قفزات عالية؟
وأين دور ومهمة الشركة عبر منظومة الدولة الحكومية والخاصة؟
وأين الرؤية والرسالة من هذه المبررات؟
ختامًا…ومن خلال الاطلاع على ردود فعل الاستياء من الأهالي في وسائل التواصل الاجتماعي تجاه رمي بعضهم بالجهل التقني كمبرر مرفوض، ومطالبة الكثير منهم بالتحقيق والمحاسبة في هذا الأمر حتى لا ينعكس سلبًا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية للمحافظة، ويرجون اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة هذه السقطة، وتقديم خدمات تواكب الرؤية والرسالة للمؤسسة العامة لتحلية المياة ولشركة المياه الوطنية.
اتمنا من سمو ولي العهد ان يكون لجنة لمتابعة قضية ارتفاع فواتير المياه…
لابد من وجود غلط هناك في شركة المياه.. وخصوصاً العدادات الجديده التي تم تركيبها..
متي ستصحو شركة المياه من سكرتها و تتوب من ادمان الكذب و التبرير و تترك عالمها المخمور الذي تعيش فيه و لا يُدين بمعتقد ..؟!!
جل مسؤوليها يعرفون انها لم تعد مفهومة حتي بالنسبة لهم ، و لا يرغبون كذلك في تفسير تصرفاتها حتي بينهم و بين أنفسهم ، او حتي لو كان النور أمامهم في آخر النفق ، يعدون انفسهم كلهم اذكياء ، و لكن قوتهم الوحيدة التي يملكونها انهم لا يستطيعون التوقف عن التبرير و لو لساعة من نهار ، شركات المياه المماثلة لها في دول العالم تقول :
ما رأينا قط اكذب منها و لن تري أعيننا ، كأن المسوؤلين فيها يريدون منكم ان لا تثقوا في احد منهم أبداً ، و كل المواطنين جهلة لا يفهمون إلا في ” اليغمش ” ..!!
تحياتي
مقال رائع أتى في وقته ياسعادة اللواء والمثل يقول صديقك من صدقك لا من صادقك انت قلت الحقيقة والحقيقة عادة لا ترضي جميع الأطراف وحسبك أنك قلتها بكل شفافية .
مقال رائع وجميل يضع النقاط على الحروف
سعادة اللواء محمد
حفظك الله وسدد خطاك .