بريطانيا تلك الدولة التي كانت لا تغيب عنها الشمس لامتداد مستعمراتها في قارات العالم؛ فلم تتوانَ في حربها للإسلام والمسلمين، واستخدام شتى الوسائل وأبشع الأساليب وفق منهجية محكمة تتسم بالانتقامية، فمن الحروب الصليبية إلى عصر الاستعمار التي احتلت فيه بريطانيا بعد اتفاقية “سايكس بيكو” لتقسيم أراضي الدولة العثمانية العديد من المناطق والأقاليم الإسلامية التي أصبحت دولًا مستقلة؛ لتظل إلى عصرنا الحاضر دولًا متناثرة متناحرة، بجانب ما تُحيكه في دهاليس السياسة العالمية من حبائل للدول العربية والإسلامية، ولن أتطرق للجرائم والانتهاكات الصارخة التي تلطخ بها تاريخ بريطانيا مثل استخدامها للهنود ككاسحات ألغام تسوقهم بالبنادق أمام جنودها، فكان الهنود بين الموت بالرصاص أو التفجر بالألغام ليدوسه الجندي البريطاني، ويعبر من عليه.
ومثال آخر لما وصلت له بريطانيا من الانحطاط الأخلاقي استخدامها المخدرات فيما كان يُعرف بحرب “الأفيون” مع الصين كوسيلة وأداة في الحرب.
إلا أن هذه الدولة مع المسلمين وبالبلاد الإسلامية كانت تُنفذ أعمالًا أكثر حقدًا وأقوى أثرًا بهدف أن تبقى على مر التاريخ.. لماذا؟!
لأنها ترى أن الإسلام والمسلمين يشكلون خطرًا وجوديًا لهم، وهو ما صرّحت به “مارجريت تاتشر” رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وهدم جدار برلين حين سُئلت عن زوال الخطر الشيوعى، فقالت: إن الخطر الباقي هو الإسلام.
وسأورد أمثلةً لهذا الحقد، وأترك للقارئ اكتشاف الآثار ومقارنة الأخبار:-
الأول: قضية الشرق الأوسط، وقضية المسلمين الأولى أُم القضايا، وهي القضية الفلسطينية التي أُلفت فيها المجلدات، وعُقدت لها المؤتمرات والندوات، ولا زالت تستمر بعد أن منحتها بريطانيا لشذاذ الآفاق لتكون وطنًا لليهود.
والثاني: إقليم الأهواز أو الأحواز العربي الذي منحته لإيران، وفي مقال سابق تحدثنا عنه.
والثالث: كشمير الذي أشعل حربًا بين الهند وباكستان أودت بحياة الآلاف، وكادت أن تُنشئ حربًا نووية بين البلدين، ولازالت العلاقة بينهما متوترة.
ولكم أن تذكروا أن بلاد الهند أو ما يُطلق عليها بشبه القارة الهندية، كانت دولة إسلامية فلما احتلتها بريطانيا لعقود خرجت منها مقسمةً بعد أن مزَّقت المسلمين وأضعفتهم بالقتل والتشريد والتهجير، وهم كانوا غالبية ودولة حاكمة لمئات السنين؛ حيث قامت بتهجير المسلمين من ديارهم، وقسمتهم على الأطراف باسم باكستان الشرقية بنغلادش حاليًا، وباكستان الغربية وبالوسط دولة الهندوس الهند حاليًا.
الرابع: الدور الرئيسي والمحرك لتقسيم بلاد الكرد كردستان وتفتيتها بين خمس من الدول: (العراق وسوريا وتركيا وإيران وأرمينيا) كل ذلك كان حقدًا وانتقامًا، ولئلا تُخرج بطلًا كصلاح الدين الأيوبي.
كل هذه وغيرها من الأمثلة التي تظهر الحقد الدفين لدى هذه الدولة على الإسلام والمسلمين، وإن تمسَّحت بمسوح المحبة والسلام، وتمثَّلت بالمثالية وحقوق الإنسان إلا أن الأعمال تفضح الأقوال. وقد يسأل سائلٌ لماذا بريطانيا رغم أن المسلمين قد تجرعوا الويلات من العديد من الدول العالمية، وأقول: إن بريطانيا أنتجت جروحًا غائرة لا زالت تنزف في الجسد الإسلامي، استحال طبها، وعزّ اندمالها.
0