المقالات

الزوج البزر والزوجة الذكر

تمهيد:

اتصل بي رقم غير مسجل في جوالي وعرَّفني بنفسه، وسألني عن شخص تقدم لخطبة ابنته وقال لي: تراها في ذمتك، أحاجك بها يوم القيامة: كيف فلان ابن فلان؟؟
كان الموقف صعبًا جدًا علي؛ لأني أعرف عن الشخص أنه بالمختصر (صايع ضايع)، ولم يعدل من سلوكه، فقلت له بكل أمانة: (صرّفه وقول له مالك نصيب والله يرزقك).

إحصائية:
سجل الربع الأخير من عام ٢٠٢٠ عدد ٥٧ ألف صك طلاق على مستوى المملكة، جاءت هذه الإحصائية عبر الهيئة العامة للإحصاء مسجلة ارتفاعًا كبيرًا في نسبة الطلاق عن الأعوام الماضية.
ياترى لماذا هذا الارتفاع؟ وماهي تبعاته؟ وهل يدرك المجتمع بأفراده معنى هذا الرقم المهول؟

لو حسبناها بلغة الأرقام التي أدلت بها الهيئة العامة للإحصاء لأمكننا القول: إن قرابة ثلث زواجاتنا تبوأ بالفشل والطلاق! كيف؟
أقول لكم كيف: بلغت عقود الأنكحة قرابة ١٥٠ ألف عقد نكاح، وبلغت عدد صكوك الطلاق ٥٧ ألف حالة طلاق!
بمعنى أن ثلث عقود الزواج أصبحت صكوك طلاق!

إن “عباطة المراهقة” التي مازالت تسير في دماء بعض الأزواج، وعدم شعورهم بالمسؤولية تُعد من أبرز أسباب نشوء الخلافات من جهة الزوج، فالزوج يُعامل زوجته وكأنها زميل عمل، يبحث عن إثبات رجولته من خلال السيطرة على تصرفاتها وعدد أنفاسها، ويريدها أن تنام قائمة مستدلًا بقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) (النساء:34)، (وينتفخ رأسه كثيرًا) عندما يسمع عبارات المديح من أمه، وهي تصفه بـ( الرجّال).

وتكبر المصيبة عندما يدرك الوالدان أن ابنهم غير راغب في تحمل المسؤولية بمعنى أنه (سلتوح)، ويعجزون في مطاردته في الليل والنهار، وفجأة (يضيء مصباح) بجانب دماغ الأم معلنًا وجود الحل: ليش ما نزوجه عساه يعقل! وتذهب للأب الذي يبحث عن الفكة من ابنه بأي طريقة فيوافقها الرأي مبتسمًا ويقول لها: (لله درك)! وينك من زمان ؟!
يقتنع (أبو الشباب) المراهق بفكرة الزواج بسرعة، ويتوقعها (رحلة تمشية) ويخطبون بنت فلان يوم السبت، والزواج يوم الأحد والطلاق يوم الإثنين! هذا من جانب الزوج البزر.

وقد تكون أم الشباب هي سبب الطلاق؛ حيث تتوقع أنها إذا تزوجت سوف تكون كل يوم في كوفي مع زوجها المسكين الذي يداوم ١٢ ساعة في اليوم، وأن “الويك إند” دائمًا محجوز لطلعة زميلاتها في قروب (العسولات)، وقد يتحمَّل الزوج طلعاتها للكوفي والأسواق لكنه لا يتحمل أن تكون ثلاثة أرباع الطلعة تصوير كيدي لفلانة وعلانة إلى أن يصل بيته وخصوصيته عبر السناب إلى زملائه في العمل، ويتطور الجفاء الزواجي عندما تقود الزوجة سيارتها متى وأين وكيفما شاءت ممارسة الدور الرجولي في استغنائها عن خدمات زوجها.

وتأتي الطامة عندما تكون الأم عضوًا تخطيطيًا مشاركًا في خصوصيات الزوجين لدرجة أنها تضع لابنتها (مينيو) طعامًا بشكلٍ منتظم لا يمكن أن تحيد الأسرة في نظامها الغذائي عنه.
وتبدأ هنا رحلة اللامبالاة بين الزوجين (كل واحد يقول أنا أوريك شغلك)، وتنتهي هذه الرحلة عند أبواب المحاكم.

أي زواج هذا؟ أي استقرار هذا؟ وأي عقول هذه؟

إن تفاقم أرقام الطلاق في المجتمع يُعد مشكلة لها تبعات وعواقب وخيمة لا سيما عندما يكون هناك أطفال، وقد تكره البنت تجربة الزواج، وتصبح خائفة من عبارة (مطلقة مرتين)؛ لذا تكتفي بطلاقها الأول، وتعزف عن الزواج خوفًا من تكرار الألم، وقد يسعى الزوج مع والدته وأخواته إلى قهر طليقته من خلال تزويجه في أقل من أسبوع نكاية بها، وهذا الزواج الكيدي غالبًا يكون فاسدًا؛ لأن الهدف فاسدٌ من الأساس، فتتكرر تجربة الفشل.

بصوت خفيف…
أقول لكل فتاة: لا توافقي على أي زواج حتى وإن كنتِ كبيرة، حتى تتأكدي من دين وخلق المتقدم لك، كما أقول لكل رجل وليس ذكرًا: لا تختار إلا أنثى بمعنى الكلمة.

Related Articles

One Comment

  1. غياب المسؤولية الاجتماعية عند الشباب هي الطامة الكبرى التي يشترك فيها الاباء والامهات وتقصيرهم في تعليم ابنائهم وبناتهم كيف يحافظون على حياتهم وعلى أسرارهم وعدم إفشاء اسار البيت للغير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button