النفس البشرية تتألف من مزيج من المشاعر المختلفة، ولا شك بأن الحالة النفسية للأشخاص تؤثر على اتخاذهم القرار، وقدرتهم على التعاطي مع الأمور والتكيف مع الحياة، ولا شك بأن تأنيب الضمير هو أمر محمود ما دام في إطاره وضمن حدوده الطبيعية، إلا أن تجاوزه لها والإفراط في لوم الذات هو أمرٌ ضارٌ بصحتك النفسية، فكيف تتحكم به؟
الشعور بالذنب ولوم الذات
مراتٌ عديدة شعرنا فيها بالتقصير في حق أنفسنا أو أقربائنا، أو ربما ظننا أننا ضيعنا على أنفسنا فرصاً لا تُعَوَّضُ بتكاسلنا عنها، أو حتى رؤيتك للمستضعفين في مختلف أرجاء الأرض عاجزاً عن تقديم يد العون لهم، كلها مواقف نمر بها جميعاً متسببةً بألم نفسي بداخلنا، إلا أن البعض منا قد يتفاقم الأمر بداخله، قد يظن أنه السبب في تسبب الضرر لغيره، أو أنه مقصرٌ في حقه ولم يقدم له يد العون -على الرغم من عجزه-.
تأنيب الضمير والشعور بالذنب هو شعور باطني، وهو مهمٌ لاستمرار العلاقات، وهو الدافع وراء الاستقامة وإحسان التعامل مع الآخرين، والسعي الدائم نحو إحسان التعامل وتجنب الأخطاء.
إلا أن ذلك التعاطي الخاطئ والمفرط مع الأمور يُحَوِّل الأمر المحمود -تأنيب الضمير- إلى أمرٍ مذمومٍ يتسبب بالضرر النفسي على الشخص الذي يُكثر من جلد الذات والشعور بالذنب.
دوافع تأنيب الضمير ولوم النفس
يمكننا تقسيم دوافع لوم النفس إلى خمسة أنواع رئيسية، والتي تختلف بعض الشئ عن بعضها البعض في آلية تأثيرها على النفس والأفكار.
1-لوم الذات على الفعل
هو لومٌ منشأه اقترافك لإثمٍ أو إلحاقك الضرر بمن حولك، وهو المُحفِّز نحو تصحيحك الخطأ.
2-لوم الذات على النية في أداء الفعل
وهو مجرد الندم على التفكير في أمرٍ كان مَآلُهُ إلحاق الضرر بشخصٍ ما.
3-الظن بالاشتراك في الفعل
في هذه الحال لست على يقينٍ باقترافك الخطأ، إلا أنك قد تتوهم أن لك يداً فيه بطريقةٍ أو بأخرى.
4-لوم الذات على التقصير في تقديم العون
هذه الحال قد تختلط عليك بعض الشئ، فتارةً ليس بإمكانك مد يدك للمساعدة، وأخرى ربما تكون قد تكاسلت عن المعونة.
يظهر تأثير هذا النوع في أوقات التعاطف، حين ترى مظلوماً أو مشرداً، أو ترى عزيزاً عليك وقد حلت به نازلة.
5-لوم الذات على التميز عن الآخرين
يُطلق على هذا النوع شعور الناجي بالذنب، ويتمثل في تميزك عمن حولك في النعم والممتلكات، فيصيبك هذا بشيئٌ من الشعور بالتقصير في مساعدتهم أو نحو ذلك، وهي حالة من التعاطف الشديد والغير منطقي.
كيف تتجاوز مرحلة جلد الذات ولوم النفس
مع تجاوز الشعور بالذنب حدوده المنطقية المقبولة، فهنا على المريض التوجه للمعالج النفسي والمداومة على حضور جلسات العلاج النفسي.
وبين يديك الآن مجموعة من النصائح لتساعدك على الخروج من هذه المعضلة:
● تحديد المشكلة أو الخطأ.
● معرفة السبب وراء الشعور بالذنب.
● هل تخشى العقوبة على الخطأ؟
● هل يمكن تصحيح المشكلة؟
● هل يستحق الأمر الندم أم أنه مبالغٌ بيه؟
● ما دور تأنيب الضمير في حياتك؟ هل يدفعك للأفضل؟
● هل حاولت التكيف مع الشعور بلوم الذات؟
● تذكر بأن الطبيعة البشرية مجبولةٌ على الخطأ.
● تقبل الخطأ، وحاول تفاديه في المستقبل.
● أدرك حجم المشكلة، وما شاركت به من ضرر.
● اسعَ تجاه تحسين قيمك وأخلاقك وسلوكياتك.
● لا تُكثر من توجيه اللوم إلى نفسك.
● لا تنعت نفسك بالفشل، ولا تيأس.
● تذكر إحسانك إلى الآخرين.
● اجتهد في بذل الخير إلى الغير.
● اطلب العفو ممن أسأت إليه.
● كن رفيقاً بنفسك في العتاب.
● إن عجزت بكل السبل عن تقديم يد العون فلا بأس عليك.
● طالما تداركت المشكلة وأحجمت عن الخطأ فأنت على الدرب الصحيح.
● إن منَّ الله عليك بما حُرِمَ منه أخوك، فهذا داعٍ لشكر نعمة الله، والتصدق بها عليهم.
● تضرَّع إلى الله بالدعاء، وتذكر أنك مثابٌ على السعي، حتى وإن لم توفق بالوصول إلى المراد وتجاوز مرحلة تأنيب الضمير المفرط وجلد الذات.