قد لا تكون هذه القاعدة (ورود-أشواك-براعم) جديدة على البعض، لكنها من القواعد الجميلة التي تفيد المتأمل الذي يقوم بتقييم تجربةٍ ما بشكل مختلف عن التقييم المعتاد -المجحف أحيانًا- ذلك الذي يقيس نجاح التجربة محل القياس بحسب نسبة الإيجابيات أو السلبيات فيها، والغلبة للجانب ذو النسبة الأعلى. ربما استخدم البعض قاعدة نصف الكوب الفارغ، ونصفه الممتلئ، وبناءً عليها فهو يحكم على التجربة بنجاحها أو فشلها، وأعني بذلك الشخص العادي البعيد عن محكات التقييم، ومعاييره التي تقييم التجربة بشكلٍ علمي مقنع.
منذ فترة ليست بالقصيرة، تحديدًا منذ انتهاء الفصل الدراسي السابق، وحتى قبل بداية هذا الفصل الدراسي الجديد، وآراء الناس تتراوح ما بين مؤيدٍ لتجربة التعلم عن بعد، وما بين معارضٍ لها، وما بين ممتنعٍ عن الخوض فيها؛ لأسبابه الخاصة. والغريب في الأمر أن من المؤيدين لهذه التجربة كانوا مزيجًا من فئات مختلفة من المجتمع، وفي الوقت نفسه المعارضين لها ينتمون إلى نفس الفئات، من كادر تعليمي وإداري، وأولياء أمورٍ، وطلبة وطالبات من مختلف المراحل. ولكلٍ منهم الحق في إبداء رأيه المبني على وجهة نظره، أو من واقع تجربته التي قد لا تشبه غيره في مميزات وتحديات تجربته التي شكلت لديه منطقية رأيه، واختار ما اختاره، وألقى بحكمه وفق ما توصل إليه.
لكن ماذا عن هذه القاعدة الثلاثية البعيدة نسبيا عن حدية الإيجابية والسلبية، واختلافها بإضافة محور البراعم. فلو سمينا بعض الإيجابيات المستخلصة من التجربة ورودًا، كحماية الأرواح من خطر فيروس كورونا وانتشاره في ظل عدم وصول المجتمع للحصانة المجتمعية الملائمة، وضمان استمرار العملية التعليمية في خطة بديلة آمنة تغني عن الحضور، إضافةً إلى دمج التقنية بالتعليم الناجح جدا من خلال تجربة العام الدراسي السابق الفريدة، ونجاح منصة “مدرستي” عالميًّا. إلى جانب المرونة، والابتكار في وسائل التعليم والتعلم الحديثة، وطرق تنفيذ الواجبات، والمهمات الأدائية المختلفة التي أدى الطلبة بشكلٍ عام أداءً باهرًا في تنفيذها طوال العام الماضي.
في حين أن الأشواك يمكن أن تكون التحديات التي أفرزتها التجربة الجديدة تمامًا في نظامنا التعليمي، مما قدم التغذية الراجعة المناسبة لتخطي هذه التحديات، كما كانت تحديثات منصة “مدرستي” وبرنامج “التيمز” المستمرة طوال العام، وفقًا لما يرد إلى الدعم الفني الخاص بالمنصة. إلى جانب دورات التطوير المهني المستحدثة هذا العام؛ بناءً على الاحتياجات التدريبية التي تم تحديدها وفق تحديات التعليم والتعلم خلال العام الدراسي السابق.
أما البراعم، فهي الأفكار الجديدة الناشئة من خلال التجربة التي مررنا بها وفقًا لإيجابيات التجربة، ولسلبياتها، عن طريق تعزيز الإيجابيات وتطويرها، ومواجهة التحديات بإيجاد حلول بديلة لتجنبها مستقبلاً. فعلى سبيل المثال، تضمنت بعض دورات التطوير المهني برامج تعنى بالتعليم المدمج الذي يلائم المرحلة الحالية في هذا العام الدراسي، إذ لا زال طلبة التعليم الإبتدائي ورياض الأطفال يمارسون التعلم عن بعد إلى أن تصل المناعة المجتمعية إلى مستوىً صحيٍّ آمن، ثم ستعود الدراسة بعد ذلك لتكون حضورية، مع استمرار أداء المهمات والواجبات بطريقة إلكترونية. إلى جانب خطط العودة الحضورية للمراحل الأعلى التي تضمن استمرار العملية التعليمية، والحفاظ على سلامة الطلاب ومنسوبي التعليم على حدٍّ سواء.
لذلك كان من العادل ألا ننظر إلى التجربة السابقة لعامٍ دراسي كاملٍ عن بعد على أنها تجربة إيجابية، أو سلبية صرفة دون النظر إلى التجربة من كامل أبعادها، بنظرةٍ تقيس الجانب الإيجابي وتنميه، وتنظر إلى تحديات التجربة، وتواجهها بإيجاد الحلول الممكنة، ثم تنظر إلى أبعد من ذلك، إلى الأفكار الجديدة التي أنتجتها التجربة، وما يمكن أن تعود به هذه الأفكار من عائدٍ إيجابي على نظامنا التعليمي بشكلٍ عام. عودًا حميدًا، وعامٌ جديدٌ حافلٌ بالإنجاز.
4
مقال في الصميم سلمت أناملك أيتها الرائعة
ماشاء الله مقال جميل تسلم يمناك
لا فض فوك ولا عاش حاسدوك
مقال جميل يواكب مانحن فيه الإن ويعطي إضاءات مشرقة لمن يرتدي النظارة السوداء حيال مانتج عن جائحة كورونا
سلمت أناملك وزادك الله من فضله