فايز العرابي

تطهيرُ الأرصفة

لم تكن أنظمتنا قاصرةً، أو عاجزةً عن  تهذيب سلوك البائع أو التاجر لينضبط  نشاطه التجاري، ولتستقيم ممارسته  لمهنته التي يكتسب منها لقمة عيشه، ولا شك أن وزارة التجارة والعمل، وأمانات المناطق اجتهدت في تنظيم سوق العمل بأنظمة دقيقة تحفظ الحقوق، وتُلزِم بتطبيق القوانين.

لكننا نجد قصورًا في الرقابة الميدانية، والمتابعة، وتراخيًا في
تطبيق النظام بحق المخالفين، مما ساعد البعض على اختراق خصوصية المهنة بتغيير طبيعتها من عمل منظّم منضبط يخضع للرقابة من جميع الجهات المسؤولة، إلى نشاط فردي عشوائي متنصل من الالتزام بالمتطلبات، وهارب من تطبيق الاشتراطات، ومنسحب من  تأدية الواجبات، وخارج عن نطاق
التسلسل المنصوص عليه في النظام  لإثبات شخصيته كنشاط تجاري رسمي مندرج تحت مظلة رسمية، فيصح له هوية اعتبارية بمسماه، وقيمته، ومرجعيته، وإذا نظرنا بعين الوعي نجد أن أرصفة شوارعنا في المناطق الحيوية، والسياحية تزدحم بالبائعين الذين يزاولون أنشطة متعددة في مناظر ملوِّثة للبصر، ومشوهة للمنظر، ناهيكم أنها لا تخضع للرقابة الصحية التي تضمن سلامة المنتجات الغذائية؛ لأن أصحابها يُمارسونها خارج نطاق تغطية الجهة المسؤولة، فأصبح بيع “الشاي” على الأرصفة ظاهرة منتشرة على نطاق واسع لا تكاد تخلو جميع مدن المملكة منها، فارتياد هذه الأماكن -غير المؤهلة – الصغير، والكبير، وتطفل عليها كلُّ من لا مهنة له من الجنسين؛ فكانت المرأة رائدةً في هذا المجال، مما جعل لتناول الشاي من فوق الأرصفة نكهات خاصة، بمذاقاته المختلفة، وبتعدد أنواعه ..وقد أغرى هذا النشاط -أعني البيع على الأرصفة- طالبي الرزق من جنسيات متعددة، فوجدناهم يفترشون حتى أرصفة الأحياء، لبيع سلع غذائية متنوعة: كالخضار، الفواكه، والوجبات الخفيفة المطهية في مواد ضارة، وغير المغلفة تغليفًا صحيًا، وتطور الأمر ليكون الرصيف مكانًا للتسويق الملابس الجاهزة.

نحنُ نؤمن بأن قطع رزق الإنسان جريمة، لكننا في ذات الوقت نُؤمن بأن احترام القانون، والنظام التزام وطني، وإنساني، وحضاري، فلا مانع أن يزاول هؤلاء أنشطتهم في إطار النظام لضمان الجودة، وحفظ الحقوق.
لذا نحنُ نهيب بالجهات ذات الاختصاص تطهير الأرصفة من المخالفين بتكوين لجان لتنظيم هذه الأنشطة، وحوكمتها، ورعاية حقوق أصحابها بوضع أماكن مخصصة لمثل هذه المهن التي خرجت عن المألوف،  فأصبحت من ظواهر التشويه التي تحتاج لمعالجة سريعة بإيجاد الحلول المناسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى