أكثر من أربعين عامًا، ومأساة الشعب الأفغاني المُسلم مستمرة، فمن غزو سوفيتي إلى حرب أهلية شرسة إلى غزو أمريكي لعشرين عامًا، ينتهي بانسحاب مفاجئ ترك وراءه الحابل مختلطًا بالنابل، فلا دولة ولا جيش ولا أجهزة أمنية ولا مؤسسات خدمية؛ ليطرح سؤالًا نفسه حول مبررات الوجود الأمريكي كل هذه السنين؟ وكيف لهذه المبررات أن تتبخَّر بين ليلة وضحاها لتترك وراءها بلدًا ممزقًا يفتقر إلى أبسط مقومات الدولة الحديثة.
اليوم يجد العالم الإسلامي أمامه بلدًا عبثت فيه قوى عالمية لسنين طويلة، ونمت فيه منظمات خطيرة، هددت السلم العالمي، وأحرجت العالم الإسلامي؛ ولذا تبدو المرحلة القادمة أكثر حساسية مما مضى، وبحاجة إلى أن تعمل الدول والمنظمات الإسلامية ما بوسعها؛ لتجنيب هذا البلد مستقبلًا غامضًا، الله وحده يعلم بإفرازاته وتداعياته.
وقفة منتظرة للدول الإسلامية يؤسس لها “مؤتمر إسلامي” تُشارك فيه مختلف القوى الأفغانية سيكون ضروريًا بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي؛ لوضع أسس للاستقرار واستعادة حركة الحياة الطبيعية والتنمية في هذا البلد المنكوب. المملكة كانت وما زالت داعمة ومؤيدة لكل ما يخدم استقرار ونماء الدول العربية والإسلامية والتاريخ ناصع البياض والشواهد كثيرة ومتواصلة، وبالتأكيد أنها الطرف المؤهل للقيام بدور لإنقاذ هذ البلد المسلم من أن يتحوّل مرةً أخرى إلى قاعدة تنمو فيها المنظمات الإرهابية التي تشوّه الدين الإسلامي، وتجعل المسلمين بأفعالها المجنونة، عُرضة للأذى والانتهاك في جميع بلدان العالم.
إن بذل الجهد لاحتواء البلد المسلم أفغانستان؛ لتكون بلدًا مستقرًا سيكون له أثر كبير في المحافظة على السلم العالمي، وتفويت الفرصة على أولئك الذين يبحثون عن موطأ قدم لإشعال الفتن، وتمويل الإرهاب لتنفيذ أجنداتهم المشبوهة.
0