ولله الحمد تستمر جهود المملكة الحثيثة في القضاء على الفساد الإداري والمالي، واجتثاثه من جذوره من خلال تطوير الأنظمة والتشريعات، واستحداث الهيئات الحكومية، وملاحقة الفاسدين سواءً كانوا على رأس العمل أو متقاعدين، ونشر ثقافة مكافحة الفساد.
ويكفينا فخرًا النشرات الإعلامية الدورية التي تصدرها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، والتي تتضمن قضايا فساد لأشخاص على رأس العمل أو متقاعدين ومن قطاعات عدة. والهيئة مستمرة في متابعة وملاحقة قضايا الفساد الإداري والمالي والمحسوبية والواسطة، وكلها من أمراض العصر التي ابتليت فيها المجتمعات البشرية، ولها انعكاسات سلبية على الاقتصاد، والسمعة الاقتصادية، والمناخ الاستثماري.
والمُلاحظ للمشهد الإعلامي السعودي يلمُس تفاعلًا إعلاميًا محليًا كبيرًا مع قضايا الفساد، وأصبح دور المواطن تشاركيًا في محاربة الفساد من خلال الإبلاغ عنه، وعدم الرضا وغض الطرف.
وسبق وأن تحدثت في مقال سابق عن ما تتضمنه بيانات مكافحة الفساد من قضايا معقدة وغريبة ودخيلة على مجتمعنا لم نكن نتصور أن تحدث في المملكة؛ خصوصًا في ظل اهتمام حكومة المملكة بمواطنيها، وتوفير سبل الراحة لهم داخليًا وخارجيًا، ولكن التفسير الوحيد للفساد هي أنها النفس البشرية الأمَّارة بالسوء.
ومن المهم أن تتضافر الجهود في المملكة؛ لمحاربة الفساد من قبل عدة جهات محورية أهمها: وزارة التعليم، ووزارة الإعلام، والبنك المركزي، ووزارة العدل، وهيئة الرقابة، ومكافحة الفساد؛ حيث تبدأ وزارة التعليم بغرس قيم النزاهة ومكافحة الفساد ضمن المقررات، وكذلك ضمن الأنشطة اللا صفية، وعلى الطرف الآخر فرصة وزارة الإعلام كبيرة في رفع مستوى الوعي من خلال الأنشطة التوعوية، وكذلك الإنتاج الدرامي الذي يوثَّق أضرار الفساد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
وأخيرًا..أهمية التعاون بين البنك المركزي السعودي وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد في الإبلاغ عن أي تضخم مشبوه في الحسابات الخاصة بمن يُباشر المشروعات أو المهام الحساسة أو حسابات أقاربهم من الدرجة الأولى، ومن الضروري التعاون المعلوماتي بين وزارة العدل وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد في الإبلاغ عن أي تضخم غير اعتيادي في تملك العقارات.
في القدم قالوا: “الوقاية خير من العلاج”، ولابد أن تكون الوقاية من الفساد إجرائية وقانونية وتنظيمية وتوعوية وتشاركية؛ وذلك للانتصار في الحرب على الفساد.
همسة: في إذن كل فاسد، الفساد لا يُسقط بالتقادم.