عبدالرحمن العامري

الكُتب الدراسية بين الغياب والحضور !

يقوم مثلث التعليم على المعلم والمتعلم والمنهج فهي تتَّحد اتحادًا قويًا ومتفاعلًا فيما بينها؛ ليتم إنجاز وتحقيق عملية التدريس والهدف المرجو منها، إلا أنه عند حدوث أي قصور في أي ركن من هذه الأركان الثلاثة؛ فإن ذلك يُحدث خللًا كبيرًا في العملية التعليمية ومخرجاتها؛ فلا وجود للعملية التعليمية دون هذه الأركان، وعلى قدر الخلل فيها يكون الخلل في المنتج التعليمي.
ومع أن انطلاقة العام الدراسي لهذا العام شهدت انتظامًا وحضورًا مرتفعًا من قبل الكادر التعليمي والطلاب والطالبات، إلا أن مدارسنا في مختلف مناطق ومحافظات المملكة ما زالت تُعاني من مشكلتها الأزلية ألا وهي تأخر صرف الكتاب المدرسي، الذي يعدُّ واحدًا من أهم الوسائل التعليمية التي تُسهم بشكل فعّال ومؤثر في الارتقاء بالعملية التعليمية؛ حيث بات يشكو المعلمون والطلاب والطالبات وأولياء أمورهم من هذه المعضلة المتكررة مع بداية كل عام دراسي.
فعلى الرغم من تصريحات الوزارة المستهلكة، والتي تُشير إلى عدم تكرار تأخر تسليم الكتب الدراسية إلا أن الجميع بات هذه الأيام يعيش في حالة من القلق والترقب بسبب تأخر بعض المقررات في مراحل دراسية مختلفة؛ فأصبحت قضية الكتاب المدرسي قضية جدلية تتجدد فصولها مع بداية كل فصل دراسي بين انعدامه وقلة وجوده دون أن نعلم ما هي الأسباب التي تُحدث هذا الخلل الذي يُربك العملية التعليمية منذ اللحظات الأولى لانطلاقها؟!
وإذا ما علمنا أن مستوى معظم الطلاب ما بين المتوسط وأدنى من ذلك بحسب ما تُعلنه الوزارة من إحصائيات سنوية حتى في وجود الكتب الدراسية، فكيف سيصبح مستواهم مع انعدام تلك الكتب أو تأخر تسليمها؟
ومتى ما حاولنا الإجابة على مثل هذه التساؤلات؛ فإننا سندرك السبب الرئيسي لخروج الكثير من أولياء أمور الطلاب والطالبات عن صمتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي استشاطت غضبًا بتغريدات ومقاطع ساخرة جسدت انفعالات الأسر من هذا التأخر غير المبرر لا سيما أن الإجازة التي امتدت لنحو أربعة أشهر كان كفيلة بإنجاز طباعة الكتب الدراسية، وتسليمها في وقت مبكر !
مدركين في نفس الوقت أن المعلم لا يمكنه إيصال المعلومة لفلذات أكبادهم دون وجود كتاب لدى الطالب، وحتى إن استطاع ذلك فإنها لن تقف كثيرًا عند الطالب، وسرعان ما سيتخلى عنها عقله لعدم وجود ما يربطه بتلك المعلومة حتى في ظل وجود الكتب الرقمية التي لم تحقق الآمال المرجوة منها إلى الآن.

وعطفًا على ذي بدء؛ فإنه من غير اللائق أن يأتي الطالب للمدرسة ويجلس على طاولته، ولا يجد كتابًا يدرس فيه، وإن وجده فيكون في بعض المواد والبعض الآخر لا! وكأن الكتاب المدرسي أصبح اليوم عملة نادرة يتم البحث عنها في كل مكان للحصول عليها، والاستفادة منها مما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات مشروعة يأتي في مقدمتها متى ستقضي الوزارة على هذه الدوامة السنوية ؟! وهل ستدرك وزارتنا الموقرة معاناة الطلاب وأسرهم من تأخر المناهج الدراسية ؟! هذا ما ستُنبئنا به الفصول الدراسية القادمة، وإن غدًا لناظره لقريب!

وخزة قلم:
التغيير إلى الأفضل لا يحدث بالتمني، ولا بكلمات التفخيم والدعاية بينما الواقع يئن تحت وطأة السلبيات المخجلة.

Related Articles

One Comment

  1. التخبط هذا العام فاق كل الاعوام الماضية ولم تقتصر المسألة على نقص الكتب فقط
    نحن نعاني من عجز هائل في الكادر التعليمي لمادة العلوم والرياضيات والحاسب والتربية البدنية ورياض الاطفال فأصبحت تسند لأي معلمة دون مراعاة خلفيتها عن المادة او قدرتهاعلى استيعابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button