المقالات

طُلابنا متى نستخرج طاقاتهم الكامنة؟

درس عندي طالب بالعام ١٤٢٥ للهجرة ما رأيت أذكى منه، فسألته عن سبب نزول معدله، فقال: مات أبي وأنا أكد؛ لأجلب الرزق لإخوتي. قلت له: حري بمثل عقلك أن تكون أستاذًا بالجامعة. مرت سنوات بعدها ثم التقينا؛ وإذ به أراه دكتورًا بإحدى الجامعات في تخصص الفيزياء، وكان مما قاله لي:
ما نسيتُ كلماتك وتحفيزك .

لاتحتقروا عقل صاحب معدل منخفض أبدًا.

إن الطلاب إذا توفَّرت لهم الإمكانات المادية والبُنى التحتية المهيئة لمدارسهم وجامعاتهم والبيئة العلمية المحفزة لاستخراج طاقاتهم، ويبدعون، ويشتاقون لمواطن العلم كل صباح.

وبالمقابل فإن سوء البنية التحية، وعدم توفر الإمكانات المادية، والتثبيط سيكون محبطًا لهم مايزيدهم إلا نفورًا من العلم والمؤسسة التعليمية جامعة كانت أو مدرسة أو معهدًا أو غيرها.

ينبغي قبل أن نجلد طلابنا بسياط نقدنا، ونذمهم على تدني مستواهم أن ننظر هل وفرنا لهم ما يعينهم على العلم، وإن من أبسط حقوقهم:
– قاعة مكيفة ليس بها اكتظاظ يتجاوز فيها أعدادهم الحد المسموح به، وتضيق بسببه نفوسهم، ويقل تفاعلهم مع أستاذهم الذي يعجز عن مناقشة هذا العدد الكبير أو التفاعل معه أو معرفة مكامن الضعف فيه فتجده يلقي إلقاء.

– ومن حقوقهم كذلك وجود أساتذة أكفاء مدربين قادرين على إيصال العلم، ويملكون مهارات التدريس الفعّال مع ضرورة تنمية مهاراتهم بالدورات والتحفيز الدائم لهم، ومشاورتهم في كثير من القضايا التي تهمهم، وأخذ آرائهم فلا يفاجأون بقرارات تُربك خططهم أو تعكر أمزجتهم أو تزيد الضغط عليهم فلا يبدعون أو يدرسون مالا يفقهون فيكون الضحية هم أبناؤنا.

– كذلك من حقوق الطلاب وجود أنظمة معلومة لديهم، ويفضل أن يدرس مقرر للطلاب اسمه:
حقوق وواجبات الطلاب من أول فصل دراسي.

مثل هذه المقررات توجههم وتحفظ أوقاتهم فلا تجعلهم حيارى، وتنصفهم عند وقوع ظلم عليهم فلا تجعلهم تحت رحمة مسؤول بعينه يفتيهم في أمرهم باجتهاده، وقد يفتح بابه لهم وقد لا يفتحه، وقد يستمع إليهم، وقد لا يستمع، وقد يُسارع ويتفاعل مع المشكلة، وقد يكون باردًا لا يهتم أو يكترث حتى تتفاقم المشكلة، وحينها يتحرك خوفًا ممن فوقه أو الإعلام.

– كذلك حاجتهم الماسة للاستقرار الدراسي؛ خاصة في جداولهم من نزول المقررات واستقرار الجداول، وكثيرًا ما يتعرَّض الطلاب بسبب مشاكل التسجيل ومشاكل الأقسام بالجامعات إلى لخبطة في جداولهم فتجدهم يرتبونها بالنهار، وينامون فيستيقظون على تغييرها بدون طلب منهم إما في أستاذ أو في موعد أو حتى بحذف المقرر بالكلية بعد أن يكون الطالب بذل جهدًا عظيمًا في عمل الجدول ثم يضيع جهده هباء فتكثر الآهات والآلام خاصة للمتخرج.

والتسجيل المبكر قبل بدء الدراسة بشهر مثلًا سيحل كثيرًا من الإشكالات، ولا أقول يحلها بالكلية، وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى