تمازجت في نفسي مشاعر الأسى والحزن والغضب حيال الحادث المروري المأساوي الذي وقع الأسبوع الماضي، وراح ضحيته أحد منتسبي كلية التقنية بجدة، نواف بن سعيد الأسمري – يرحمه الله – فمن المحزن حقًّا أن يفقد الوطن شابًّا في مقتبل العمر بهذه الصورة البشعة، ومن المثير للغضب أن يكون الحادث – وفقًا لما ذكرته مصادر صحفية – ناجمًا عن خطأ واضح وبيِّن في تصميم الطريق، وفقدانه للمطبات الاصطناعية عند منعطف الدخول أو الخروج من الكلية التقنية، وهو أمر بديهي، لا يحتاج إلى عناء كبير ليدركه المبتدئون في هندسة الطرق، وإنك لتعجب كل العجب من هذا الخطأ، وتتساءل: كيف تمَّ استلام هذا الطريق، وهو بهذا النقص البائن، ولماذا لم تتدخل الجهات ذات الصلة، وتستمع للتنبيهات التي كانت تُشير في غير مناسبة إلى كثرة المنعطفات الخطيرة في طريق كلية التقنية بجدة، وفقدانه لأي مطبات تعمل على تخفيف السرعة؛ بل حتى فقدانه للافتات التحذيرية كما ذُكر في تقارير صحفية متعددة؟!
وهل كان علينا أن ننتظر حتى يقع مثل هذا الحادث المروِّع، ويقوم بتوثيقه أحد المارّة، لينتبه من ينتبه إلى الخطر الذي ظل قائمًا طوال هذه المدة دون أن يحرك أحد ساكنًا؟!
إن المؤسف والمُقلق في آنٍ واحد أن هذا التصميم الخاطئ، تكاد تلمسه في عدد من طرقنا، وتستشعر ذلك في غياب اللافتات التحذيرية، وعدم وجود الأرصفة الحاجزة، وضعف الإنارة، وتقارب المسارات، وغير ذلك، بما يُنبئ بأخطار مريعة على وشك أن تحدث إن لم تكن قد حدثت بالفعل، ولكن طمرها النسيان؛ كونها لم تجد من يوثَّقها وينشرها إعلاميًا..
ولأن الحال هكذا؛ فإننا نرفع الصوت عاليًّا بالتنبيه إلى ضرورة معالجة هذه الاختلالات الواضحة في تصميم بعض الطرق، وفتح تحقيق فيها، ومعرفة الجهة المسؤولة والمقصرة، بخاصة وأننا في عهد لا يتساهل مع التقصير، ولا يُعفى عن المتهاونين.. فأدركوا شوارعنا قبل أن تقضي على “نواف” آخر.