يمرُّ اليوم الثالث والعشرون من الشهر التاسع الميلادي الموافق للأوَّل من برج الميزان في كل عام، ونحن بين نعم تترى وخيرات نثرى في دولة فتية وقيادة ذكية، وتتجدد الفرحة، وتعمُّ البهجة بهذه الذكرى العطرة.
واحد وتسعون عامًا منذ وضع المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود اللبنات الأولى لدولة كان تأسيسها وتوحيد أرجائها ضرب من المستحيل قياسًا بالواقع الذي كان يعيشه كلٌّ من العالم العربي والإسلامي في تلك الحقبة من الزمن التي غطاها الظلام الدامس والانكفاء على الذات والتقوقع وقلة الإمكانات إلا من نية صادقة وعزيمة قوية وهمة شامخة لرجل فذ قل مثيله ورجال مخلصين اختارهم الله لأهداف سامية كان عمادها توحيد الله ومحاربة الشرك والبدع على منهج شرعي قويم، أحال التناحر والاحتراب والشتات بين قبائل الجزيرة العربية وقراها إلى اتحاد وانسجام؛ فحقق الله تلك الأهداف، وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر شرعي هام ألا وهو أنه كلما تحقق توحيد الله بالعبادة ومحاربة الشرك والبدع كلما تنزَّلت الخيرات، وتحقق موعود الله تعالى لمن حقق التوحيد ونبذ الشرك، في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، ومعلوم (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فنعِمت هذه البلاد بالأمن والأمان في كل شيءٍ.
وإن توالي النعم ورغد العيش ليُنسي الشباب قدر المشاق وحجم التضحيات والبطولات التي سطرها المؤسس ورجاله والبون الشاسع كيف كانت الجزيرة العربية وكيف هي الآن، لذا كان من المتعين التذكير بها دائمًا ليعيش الأبناء والأحفاد في ظلال وارفة وحياة رغيدة ماكانت لتتحقق لولا فضل الله ثم أولئك الرجال، ذكرى محفورة في التاريخ الحديث، ويجب حفرها في ذاكرة الشباب لئلا يخفت وهجها وتغطيها الأحداث، وأن نلهج بالشكر لله ثم لتلك الهامات ( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ).
إن المملكة العربية السعودية الدولة رزقها الله بأبناء وأحفاد بررة استطاعوا أن يواصلوا النهج، ويعلو البنيان كما استطاعوا أن يجعلوا هذه الذكرى مصدر فخر واعتزاز لكل مواطن بما تحقق من إنجازات عظيمة ماضيًّا وحاضرًا وبما يأملونه مستقبلًا في العهد الميمون للملك سلمان وولي عهده الأمين -حفظهما الله- وفي ظل – رؤية المملكة 2030 – التى نعلق عليها آمالًا كبيرة، ونتطلع لليوم الذي نرى نتاج ثمارها قد أينعت وحان قطافها.
ختامًا..أسأل الله الذي بنعمته تتم الصالحات أن يُديم على بلادنا الغالية أمنها وإيمانها وقيادتها وعقيدتها، وأن يُعيد هذه الذكرى علينا أيامًا عديدة وأزمنة مديدة، ونحن وبلادنا في عز ورقي وتمكين.
0