عوضه الدوسي

صوتُ الحقيقة

في غياب غير طويل انقطعت عن الكتابة، وقد عاتبني على ذلك رئيس تحرير هذه الصحيفة الغرَّاء الأستاذ، عبدالله أحمد الزهراني مع أنني لم أغب عن وِردٍ يومي لمنهلها العذب؛ نظرًا لحضورها الوامض في جنبات هذا الوطن المعطاء، وإن كانت شهادتي في الصحيفة وكارها الموقر مجروحة؛ فقد شرفت بالكتابة فيها منذُ بواكيرها الأولي، وأتذكر أنني احترت كثيرًا حينما دعاني الأستاذ/ عبدالله للكتابة معهم وما الذي سوف أختاره كموضوع لمقالي الأول إلا أنني وبتوفيق من الله وفقت في ذلك؛ فقد اخترت عنوانًا للموضوع الأول الذي طرح بالصحيفة بعنوان (مكة المكان)، وقد وثقت البعد الآخر للمكان، وكيف ارتبط المسلمون بعلاقة روحية بأرض قفر بوادٍ غير ذي زرع، ولست كما يقول البعض شريك إنني النجاح بقدر ما أكون قد أسهمت بلبنة صغيرة في هذا الصرح الشامخ بما يُمليه ضمير الوطنية والشعور بالمسئولية؛ وذلك بما يدور في أروقة هذا الوطن من تقدم ونماء، وتلك الفترة كانت عامرة بالنشاط والحيوية لكل طاقم العمل، وأتذكر حجم التفاني في جولات ميدانية، كانت محفوفة بهموم الوطن وتطلعات القيادة -وفقها الله- كانت تلك مشاعر جميع الكادر في الصحيفة، نسأل الله لهم دوام التوفيق والنجاح، وفي سياق جديد أود أن أتحدث عنه بعجالة فقد اخترت اليوم هذا العنوان (صوت الحقيقة)؛ نظرًا لما يدور في برامج التواصل الاجتماعي، وقد قمت بقياس لمؤشر عام حول من يشيد بدور المملكة، ويتفق مع توجهاتها من خارج الوطن، ووجدت أن هناك ارتياحًا عامًا في كل الأوساط الشعبوية وتأييدًا تامًا بل وحتى مطالبة بأن يتكرر محمد بن سلمان في أكثر من بلد؛ نظرًا لمنجز متسارع، ووقع معاش وَضعَ المملكة في مصاف الدول المتقدمة وأن سياساتها حازمة تعمل في مسارات مختلفة وفقًا للأولويات كل ملف، إن سياسات المملكة ومنهجيتها تسجل ارتياحًا عامًا في كل الأوساط الاجتماعية في عالمنا اليوم، وأضحى متداولًا عبر الوسائط الرقمية ضمن منظومة القرية الكونية؛ حيث لا يغيب عن أي انسان ما يحدث في هذا العالم بفضل هذا المد العولمي الذي شكَّلت فيه برامج التواصل حلقة وصل بين كل شعوب العالم على اختلاف لغاتهم وأعراقهم وأديانهم، فوسائل الاتصال الحديثة عبر الشبكة العنكبوتية ساهمت بشكل مباشر في تقصي كل الحقائق ومعرفة ما يدور من سياسات وما يصدر من قرارات في الشرق والغرب، وباتت الحقائق رأي العين لا يمكن أن يتجاوزها أحد؛ حيث أصبحت برامج التواصل الاجتماعي تعج بآراء الكثير من الناس ومن كل الطبقات الاجتماعية، التي لا تهدف إلا إلى إبداء الرأي بكل شفافية وموضوعية وتجرد تام، تجاه كل التطورات والأحدث فالإعلام الجديد أتاح فرصة للجميع ليس لمعرفة ما يحدث فحسب بل وحتى أتاح للجميع من خلال منصات مختلفة أن يساهم كل فرد على اختلاف مستواه الثقافي وميوله الاجتماعية بآراء مختلفة حول ما يحدث من قرارات وسياسات جديدة، وأن المملكة تتصدر دول العالم في ظاهرة تعد تاريخية متفردة تحسب لهذا العهد الجديد لألفي فاضل نستشرف آفاقه، فسن الأنظمة الجديدة والحوكمة الصارمة والإجراءات الضامنة تتفرد بثقة وشجاعة في همة طموحة للوصول إلى القمة؛ حيث إن هذه المقولة باتت شعارًا دارجًا في كل المؤسسات والمرافق العامة والخاصة، الجدير بالذكر أن تلك الأصوات شكلت توافقًا في الرأي مقرونًا بقابلية عند كل الشرائح المجتمعية في عالمنا اليوم، الأمر الذي يرشحها لتكون مرجعية قانونية في أغلب أحوالها باعتبار ذلك رأيًّا عامًا جمعيًّا عفويًّا صادرًا عن حب للخير والنمو والاستقرار والسلام، وهي آراء لا تهدف لمصالح شخصية ضيقة، وإنما هي قول للحقيقة ونشدان لغرار ما يحدث عندنا في فترة وجيزة، إنها أصوات مدوية في الحق، ودور هام في إبراز ما يجب أن يحتذى به لعل هذا العالم يفيق من السبات والغفلة، إنني أجزم أن هذه الأصوات تتعالى يومًا بعد الآخر في كل البرامج الرقمية، ومن كل دول العالم، وهي تعتمد في ذلك على معايير منطقية وموضوعية، ولا يمكن لأي إنسان عاقل منصف أن يتجاهل ذلك، ليس لأنها تؤيد الدور الريادي والسياسي للمملكة، وإنما تنشد الاحتذاء وتتطلع إلى الاستقرار وإلى النماء والخير والازهار؛ فهناك جهود للمملكة على الأرض في تفعيل الاقتصاد وكذا محاربة الإرهاب ونشر ثقافة الحوار والوسطية والاعتدال، والتطلعات نحو مستقبل أممي واعد لكل سكان الأرض وما طفى على السطح من برامج واعدة سوف تحقق أهدافها في كل الأبعاد المختلفة، وقد يكون أخطر ما يواجهه العالم اليوم هو الإرهاب ومكافحة الفساد والركود الاقتصادي، ودور أممي لمكافحة الآفات والأمراض والمعدية، والمملكة تعمل على هذه الملفات وفق خطط مدروسة وافترضت لها سقفًا محددًا في الإنجاز، ونجحت في ذلك، وأصبحت تستهدف من قبل وفود عالمية لنقل الخبرات والاستفادة من برامجها، وقد أشارت إلى ذلك أغلب مركز البحوث في العالم بأن رؤية السعودية نموذج فريد وواعد، وقد يستفاد منها في كثيرًا من دول العالم لدفع عجلة الاقتصاد؛ لتحقيق أعلى مستوى في رفاهية الإنسان.
ولأن إغفال تلك الأصوات التي اقترنت بالسلام والمحبة هي في الواقع نكران للآخر، وطمس لوجوه وعسف لصوت الحقيقة أما نحن في المملكة قدرنا أن نمضي في هذا العالم الغاشم كسفينة ماضية إلى وجهتها محملة بركابها تمخر عباب البحر بعطاء لا ينقطع في صور خالدة تجسد الخير كله، وتختاره على طغيان الشر دون أن تابه بالمكائد، ولا حتى المؤامرات اللعينة أو الدسائس البغيضة.. وإلى لقاء..
—————————
ماجستير في الأدب والنقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى