عندما نبتعد عن التمسك بأهداب الدين القويم في التعامل حياتنا الخاصة والعامة، عندما تغيب عن أذهاننا المبادئ السامية والقيم الراسخة من الارتباط المقدس بين الزوجين، عندما تُفتح آذاننا وفي حالة غياب عقلي كامل لمن حياته أساساً ضائعة ويأمل برؤية هذا الضياع ماثلا على الآخرين ولكن بأساليب جاذبة خادعة وبمسميات عصرية مصطنعة، عندما نصدق من يدعي بطلب الفكاك من أوثق العقود السامية باسم الحرية الزائفة والتسبب بضياع الأسرة وتشتت الأبناء والذهاب للمصير الغامض، عندما ننصت لبعض مثيري الفتنة للحياة الكريمة في المجتمع الآمن باسم الحركات النسوية الآثمة، وغيرها من المظاهر الحديثة المؤلمة والتي في النهاية هدفها الضياع والشتات وإحداث الفرقة والتباعد البغيض في المجتمع ليس إلا.
ومايلفت النظر مؤخراً انطلاق سيارة في إحدى الشوارع العامة وعليها عبارة صادمة : ” طلاق سعيد” وقد تكون هذه السيدة من خارج مجتمعنا المحلي، ولكن هذا لايمنع أيضاً من وجود حالات مماثلة لدينا تحتفل بمناسبة الطلاق الواقع عليها بل وتُوزع بطاقات الدعوة للقريبات والصديقات وكأن الطلاق فرحة جميلة تستحق الاحتفال للأسف..! نعم هناك حالات يجب أن يكون الطلاق الحل النهائي للعلاقة بين الزوجين وفي أقصى الظروف الأسرية وفي حال انتهت محاولات الصلح والتراضي من أصحاب الشأن والعلاقة بين الطرفين.. ولكن ليس بهذه الصورة المفزعة جداً في الوقت الحاضر وحسب الإحصائيات الرسمية من الجهة المعنية وبمعنى آخر أصبحت ظاهرة الطلاق مزعجة لدى الاستشاريين النفسيين والمختصين الاجتماعيين والتربويين على حد سواء.
من المواقف التي لا تنسى بسبب واقعة الطلاق بين الأب والأم واتجاه كل طرف للزواج مجدداً وعلى وجه السرعة؛ لاعتقاد كل طرف أن هذا التصرف العاجل أداة لانتفام طرف من طرف آخر وستحقق الغاية منه، وأدى هذا الفعل في نهاية الأمر إلى ضياع الابن في مرحلة دراسية معينة على الرغم من المحاولات الحثيثة لإعادة الطالب الضحية إلى جادة الصواب ولكن باءت كل المحاولات بالفشل لأن الجرح أعمق في النفس بطبيعة الحال من أي محاولة إصلاح فقد كان هذا الطالب يرى أن الدنيا كلها لا تسوى شيئاً في نظره، ولا يرى منها سوى السواد القاتم عقب ألم الفراق بين والده ووالدته. ونهمس في أذن كل زوجين أن أغلب المشاكل في الأصل هي عبارة عن مواقف عابرة من الممكن أن تنتهي بتنازل أحد الطرفين عن رأيه، أو غض النظر حتى يتم تجاوز الموقف وتعود الحياة إلى طبيعتها الأولى. وعلى أي حال تستحق الحياة الزوجية مزيداً من التأني والحب والتفاني.