حسن عطا الله العمري

إضاءات إبراهيم العبدالله الدغيثر

أكتب اليوم بمداد الحُب والاعتزاز والتقدير عن شخصية مميزة، عرفناها وخبرناها ولمسنا معدنها الأصيل وفعلها النبيل، في زمن كان يجمعنا معهم عمل جميل.
فماذا عساي أن أكتب عن أبي عبد الله في هذه السطور والعبارات التي اختزنتها ذاكرة الأيام؟!

هل أبدأ بطفولته التي جعلته محظوظًا بشرف السلام على المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- حين زار القصيم في بداية عهده في عام ١٣٧٣هـ مع مجموعة من أطفال المدارس الذين اصطفوا لاستقبال جلالته وأكرمهم الملك بـ(جنيه ذهب) لكل واحد منهم أسعدهم وأبهج طفولتهم، أم أنتقل معه إلى رحلته إلى المنطقة الغربية بحثًا عن لقمة العيش الصعبة في تلك الأيام، وهو لم يكمل بعد المرحلة الابتدائية، حيث بدأ حياته العملية عاملًا بسيطًا في إدارة الشحن بمطار الملك عبد العزيز، واجتهد وكافح وأكمل تعليمه وهو على رأس العمل، حتى وصل بتوفيق الله إلى مرتبة الرجل الثاني في الخطوط السعودية، وذلك بعد رحلة كفاح يعجز القلم عن رصدها، وتسجيل محطاتها المفعمة بالعمل، والتاريخ الحاقل، المليئة بالتحديات، والمحفزة للعقول التي تعشق تجاوز الصعوبات وتحقيق الإنجازات، أم أكتب عن الأب والجد والراعي والحاني الكبير لأسرته وأحفاده وحفيداته والحضن الدافئ الذي عوض أولاده وبناته فقدهم لأمهم الغالية، فكان لهم عينًا راعية، وأذنًا صاغية، ويدًا حانية، ممدودة بالعطاء، ترويها وتسجلها مواقف وقصص نابضة رائعة خالدة، أم أكتب عن المنفق الكريم الذي ظلت أفعاله في ميادين الخير بيضاء ناصعة، وشاهدة عند ملك كريم لا تخفى عليه خافية؟

“إبراهيم الدغيثر” كان ببساطة واحة غناء، قطوفها دانية، وروضة خضراء، أشجارها باسقة زاهية، إن دخلتها وتجولت فيها قطفت منها كل الثمار اليانعة، وستبقى في جبين المجد رمزًا وشاهدًا لهذه الشخصية الاستثنائية الآسرة. احترت والله من أي باب ألج وأطرق، وعبر أي نافذة واسعة أطل عليكم قراء أجمل الصحف في بلادي أنظر وأحلّق، وبأي حبر وقلم أكتب وأصف وأُعلق، عن هذا العطاء الذي كان كالشلال المتدفق، وعن هذا الإنسان وهذه الشخصية الرائعة التي لم تكن تعرف سوى حُب الوطن وحُب الخطوط السعودية وخدمة عملائها وموظفيها في كل مكان وتريد أن تراها في سماء العز دومًا شمسًا تُشع وتشرق!

دعونا نحاول أن نغوص قليلًا في حياة هذا الإنسان البسيط بتواضعه، النبيل الكريم، العظيم بأفعاله وعطائه، المكافح حتى أخمص قدميه، الذي صنع مجده وتاريخه بجهده وما فعلت أنامل يديه، ونسلط الضوء على بعض هذه التفاصيل التي تجعلنا قريبين منه وفخورين به ونثني عليه.
العم إبراهيم بدأ عمله في مطار الملك عبد العزيز بجدة موظفًا صغيرًا في مسؤولياته ومهامه، لكنه كان كبيرًا بأحلامه وطموحاته، وسرعان ما نال ثقة رؤسائه، حتى وصل وأصبح الرجل الأول في المطار الذي يحسب له الموظفون ألف حساب، لأنه كان متواجدًا وحاضرًا في كل مكان، حريصًا في المحافظة على حقوق الركاب، وعادلًا ومنصفًا في تطبيق النظام، وأمينًا ومحفزًا في المكافأة والتقدير والثواب.

لقد كان حقًّا خليطًا مُحكمًا بين الشدة والحزم، والحكمة والنزاهة والعدالة، التي جعلته شخصية اختلف عليها الناس، منهم من أحبه وأعجب به، ومنهم من كان يراه (عين النظام) الذي يخافون منه، وهذه حال الدنيا، فرضا الناس غاية لا تدرك، لكنهم جميعًا اتفقوا على إخلاصه وتمتعه بشخصية قديرة وجديرة بالاحترام، يحترمها ويقدرها الصغير والكبير.

كانت ساعات العمل لديه ليس لها سقف محدد، فتراه في الصباح الباكر أول الحاضرين، وتراه في المساء يزور مواقع العمل ليدعم ويحفز الموظفين، ويتابع سير العمل في كل حين.
لفت أنظار المسؤولين إليه سريعًا، وأصبح الحصان الفائز الذي يراهن عليه، ورجل المهمات الصعبة، الذي يحل المشكلات ويحقق الإنجاز تلو الإنجاز بفريق ملهم، كان ينتظر إشارة منه ليصبح طوع يديه.
ثم انتقل بعدها إلى الرياض، التي فتحت له ذراعيها وفضاءها الرحب، فطار معها إلى آفاق واسعة، وتعاظمت مسؤولياته وعلاقاته، وكانت له حظوة ومكانة مرموقة عند مسؤولي الدولة وأصحاب القرار، واُعتبر عندهم مصدر ثقة كبيرة يعتمد عليها.

دخلت مكتبه صباح يوم جميل، لم تتجاوز عقارب الساعة الثامنة، كُلي أمل ورجاء أن يستمع لشكواي، ولم يخيب ظني أبدًا وقرأ الخطاب، ثم رفع بصره إليَّ وأخذ يضرب إبرة السكر في ذراعه، ثم قال كلمته المشهورة: (اطمئن يا بني، لا يضيع حق وراءه مطالب). ثم رفع سماعة الهاتف وأصدرَ تعليماته لمن يعنيه الأمر بإنصافي وهكذا كان.

إبراهيم الدغيثر أبو عبد الله.. محظوظ من عاش زمانه وتعلم منه كيف يتم اتخاذ القرار، لديه شخصية من نوع خاص، تجعلك تشعر أنك أمام إنسان مُلهم جريء، سريع البديهة، مُتَّقِد الذكاء، حاضر الذهن والجواب.

 

يقول عنه الأستاذ عبد الحميد الجحدلي:
“لقد كان أبو عبد الله مثالًا للعصامية والكفاح، صاحب روح وثابة للعمل، وكان مكتبه مفتوحًا لأي زائر أو صاحب مطلب”. وتوسعت شبكة الخطوط السعودية في عهده لتصل إلى أمريكا وآسيا وأوروبا وأفريقيا.

كما يصفه الأستاذ هاني عارف ويقول:
“كان من التنفيذيين الذين عملت معهم عن قرب، والذي يمكن أن أؤكد عليه أنه كان من المخلصين لـ”السعودية” إلى أبعد الحدود، له نظرة ثاقبة في تقييم الأمور، بحكم خبرته العملية الطويلة، وله نظرة عادلة في تقييم علاقات “السعودية” مع الناقلات الأخرى”.

ويقول الأستاذ ناصر المنصور:
“تعرفت على أخي وزميلي أبي عبد الله في أواخر السبعينات، وعندما انتقل للرياض توطدت علاقتي به حينما كنت مسؤولًا عن الشؤون الفنية، فوجدته شخصية جميلة، وخير معين لنا في احتياجات عملنا” .
تعلمنا من أبي عبد الله العمل الجماعي مع جميع الإدارات التي تتقاطع معنا في العمل، وكان لا يفرق بين إدارة وأخرى “كلنا سعودية” هكذا كان يقول لنا، ودائمًا نحن فريق واحد يجب أن ننجح كلنا مجتمعين، وأصبحت محطة الرياض الأولى بين محطات “السعودية” في الأداء، وعندما يحصل تأخير لإحدى الرحلات كان يسأل عن كيف يمكن أن يساعد، ولا يبدأ بلوم أحد أبدًا، بل كان يبحث عن حل للمشكلة.

أما الكابتن “سعد الشهري” فلا ينسى وفاءه الكبير معه عندما حضر إلى حفل زواج ابنه “راكان” بنادي “السعودية” وهو مريض بادٍ عليه المرض، وقد عاتبه على تكليف نفسه المشقة، ولكنه تجاهل العتاب وبارك للعريس وعبر له عن سعادته بالحضور، ودخل القاعة متحاملًا على نفسه قبل أن نجبره على العودة إلى سريره.

كما يذكر الأستاذ “خالد البلوي” عنه أنه صاحب رؤية بعيدة المدى، وذكاء استثماري، وقناص ماهر للفرص؛ حيث ساهم بذكائه وبعد نظره في توفير مبالغ كبيرة لـ”السعودية” حين أوصى عام ١٩٩٣م بشراء مبنى في قلب لندن كان معروضًا بسعر مغرٍ ومناسب ليكون مقرًّا للخطوط السعودية بدلًا من الإيجارات السنوية المرتفعة التي كانت تتحملها “السعودية” لمكاتبها في العاصمة البريطانية.

ولا زالت “السعودية” حتى اليوم تحقق مكاسب عالية من وراء هذا الاستثمار الناجح أضعافًا مضاعفة؛ نتيجة لارتفاع قيمة العقار على مر السنين.
ويشير الأستاذ “محمد العمري” إلى درس بليغ تعلمه منه لا ينساه أبدًا في أول يوم له بعد ترقيته إلى مدير لـ”السعودية” في أبها؛ حيث فاجأه أبو عبد الله باتصال هاتفي مباركًا له هذه الثقة التي يستحقها، ثم أشار عليه أن يتخذ من صاحب السمو الملكي الأمير (خالد الفيصل) قدوة له في العمل؛ وذلك لما اشتهر عنه من الإبداع والجودة والإتقان والكمال؛ لذا احرص على أن تكون سفيرنا الذي يواكب طموحات الأمير الملهم الذي لا يعرف المستحيل، واعمل معه لتكون “السعودية” داعمًا للتطوير الذي يحدث في المنطقة، وكانت تلك نصائح ثمينة وضعتها نبراسًا أسير عليه، وخارطة طريق أنتهجها، وبحمد الله عملت على تحقيق الملفات الثلاثة التي طلبها سمو الأمير في أول لقاء جمعنا سويا، وكانت تتلخص في تشغيل رحلات مباشرة من أبها إلى الدمام، وسرعة بناء مكتب رئيسي للخطوط السعودية في الأرض الممنوحة من الدولة وسط مدينة أبها لخدمة المنطقة، وزيادة دعم ومساهمة “السعودية” في رعاية مهرجانات الصيف في أبها، وبفضل الله تحققت كل هذه الطموحات في أول سنة بتضافر الجهود والدعم اللا محدود من إدارة “السعودية” وعلى رأسها الأستاذ إبراهيم الدغيثر -شفاه الله-.

أما الدكتور عبد الرحمن آل الشيخ، الذي كان مديرًا لـ”السعودية” في الطائف، عروس المصايف في ذلك الوقت، فله موقف لا ينساه أبدًا؛ حيث كانت هناك رحلة مستأجرة خاصة من الطائف للرياض تقل شخصية هامة، وأخبره قائد الطائرة أنه لا يستطيع الإقلاع بالرحلة لأن العدد قد تجاوز الحد المسموح به من الركاب المرافقين لتلك الشخصية، وبذكاء وحرص المسؤول على سلامة المسافرين، أبلغ الأستاذ عبد الرحمن آل الشيخ تلك الشخصية الهامة بالموقف وضرورة أن يلتزم بالعدد المحدد، فالتفتت تلك الشخصية إلى المرافق المسؤول عن ترتيبات الرحلة الذي تجاوز صلاحياته، وأمره بإنزال كل من ليس من ضمن قائمة الركاب الأساسية، وأقلعت الطائرة بعد ذلك في أمان الله وحفظه.

وفي خطوة استباقية وذكية من مدير “السعودية” في الطائف، تم إبلاغ الأستاذ إبراهيم الدغيثر بتفاصيل الموقف في حينه؛ خوفًا من ورود شكوى كيدية ضد المسؤولين في المحطة، وسبحان الله! هذا ما حصل. وجاء استفسار عاجل من مكتب سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- في نفس الليلة يطلب توضيحًا عن أسباب إنزال عدد من ركاب تلك الرحلة، وذهب الأستاذ إبراهيم الدغيثر بنفسه للأمير وشرح له حقيقة الأمر، فابتسم سموه -رحمه الله- وقال له: ما فعلتموه هو عين الصواب وبيض الله وجوهكم.

لقد كان أبو عبد الله يجيد هذا الدور الهام، الذي يدافع فيه عن موظفيه ولا يتركهم في المواقف الصعبة ويتخلى عنهم.
ويقول الأستاذ علي محرق: “كان أبو عبد الله يظهر ويتجلى في أصعب الأوقات؛ حيث لا أنسى موقفه قبل سنين ماضية حين اُختطفت إحدى طائرات الخطوط السعودية، ووجهت القيادة بإنزالها في مطار الملك عبد العزيز، وكنا بحاجة إلى شخص ذي رباطة جأش ليقود سلم الطائرة ويوصله إلى الطائرة المختطفة، فقال أبو عبد الله أنا سأقوم بذلك، دون تردد، وسط ظروف وأجواء صعبة وبالغة التعقيد”.

كما كان له دور رئيسي وبارز في تبني الإدارة العليا لـ”السعودية” تطبيق مقترحه الهام بتسيير رحلات متتابعة بين جدة والرياض كل ساعتين في الاتجاهين دون الحاجة لعمل حجوزات مسبقة لحل مشكلة عدم وجود إمكانية حجز متاحة على هذا الخط الحيوي والهام، ونجح في ذلك الأمر نجاحًا باهرًا.
ويقول الأستاذ محمد رضا عبد الجواد: كان أبو عبد الله الرجل العصامي، والمكافح الموثوق لدى كل من عمل معه أو عرفه.
أما الأستاذ عبد الله عبد الجبار، فيذكر له موقفًا إنسانيًّا مؤثرًا، حين حضر إليهم لتعزيتهم في وفاة أخيهم الأستاذ نبيل عبد الجبار -رحمه الله- يومين متتاليين، ودمعت عيناه وهو يواسيهم ويخفف مصابهم.

ويصفه الأستاذ زين أمين، أنه علامة مميزة، وشخصية نبيلة، يستحق كل حرف كُتب في حقه.

ويضيف الأستاذ مبروك بركة سطورًا وجواهر ساطعة عن هذه الشخصية الآسرة التي شاء حظه أن يعمل معها عن قرب ويتولى الإشراف على مكتبه سنين طويلة؛ حيث وصفه بالفراسة والحضور الذهني والذاكرة الثاقبة، ويذكر بتقدير بالغ أنه رجل الوفاء، وصاحب لقاء الأجيال في ليلة السحور الرمضاني في منزله العامر الذي استمر عشرات السنين حتى بعد تقاعده؛ حيث تلتقي الأجيال في مشهد إنساني فريد يجمع ليس من عاصروا أبا عبد الله في رحلته العملية فحسب، وإنما مجموعات من الشباب والأجيال الجديدة التي أحبته من حديث الناس عنه واشتاقت له وهي لا تعرفه.

ويلخص الأستاذ أمين زكريا بالقول: لقد كان أبو عبد الله سندًا وحصنًا منيعًا، وقف معي وساعدني في تجاوز الكثير من المواقف الصعبة التي واجهتني في عملي، وأدين له بالفضل -بعد الله- في دعمه وثقته التي أعتز بها ما حييت.
أما الدكتور أسامة زهران فيقول عنه: “لقد شرفني بثقة غالية وربطتني بعائلته أنا وزوجتي رابطة قوية وكأنني فرد منها… عرفت زوجته الكريمة -رحمها الله- التي أحاطتني بثقة واحترام لن أنساه لها أبدًا ما حييت”.. وهكذا كان الحال مع أولاده وبناته وأزواج بناته الكرام، الذين عرفت عنهم مدى حبهم لوالدهم وإخلاصهم العظيم في خدمته… ولن أنسى لأبي عبد الله مواقف كثيرة شخصية وقف فيها معي دون أي تردد مساعدًا وداعمًا.

أما على الجانب الأسرى والإنساني، فيقول عنه العميد منيف عبد الله الراشد: كان خالي بمثابة الأب لي بعد وفاة والدي -رحمه الله- وكان نعم الأخ والصديق والموجه الذي لا أنسى مواقفه الإنسانية معي، وأياديه ناصعة بيضاء في أعمال الخير، شاهدتها ووقفت عليها بنفسي، أسأل الله أن تكون في موازين حسناته عند رب لا يخفى عنه مثقال ذرة من خردل.

ويقول عنه ابنه الوفي الشيخ سعد بن مسحل العتيبي:
في الحقيقة تعجز كلماتي في الكتابة عن قامة قدمت ولا زالت تقدم الكثير من العطاء والبر والإحسان والنصح والتوجيه والوفاء لأبناء وبنات هذا الشعب المعطاء، فقد دأب -حفظه الله وأسبغ عليه الصحة والعافية- على مد يد العون المادي والمعنوي للجميع دون استثناء، عرفته منذ أكثر من ثلاثين عامًا، فكنت كل يوم أتفاجأ بصفة جميلة يتميز بها وتكون أجمل من سابقتها، عاشرته عن قرب، ضمني إلى أولاده كواحد منهم، فكان نعم الأب، ونعم المعلم، ونعم الأخ الكبير، ونعم الناصح الأمين!

أما أبناؤه وبناته وحفيداته، فقد كانت كلماتهم ممتلئة بالامتنان، زاخرة بالعطف والحنان، صادقة في كل ركن ومكان، تزين تاريخ هذا الإنسان وتملأه سموًّا وإشراقًا، ينير شتى الدروب، وهذا لعمري جزاء الذي أخلص وأحب أسرته ورعاهم وكان لهم القدوة الصالحة التي ربتهم على الفضيلة والأمانة والعمل لوجه الكريم في عطاء متجدد لا يعرف النضوب.

تقول ابنته حنان أم عبد الله:
عندما أتكلم عن أبي فأنا أتكلم عن نعيم، وعن وطن كبير، عن حب ليس له مثيل، وتعجز الكلمات والحروف عن وصفه، فهو صاحب مواقف كثيرة، شهم، عطوف على الجميع، ويسعى لزيارة الأقارب، ويتلمس حاجتهم بالمناسبات ومشاركتهم، مبتغيًا رضاء ربه ووالديه، سخي على المحتاج، ينام وليس في قلبه ذرة غضب على أحد، ويسعى لإرضاء الجميع، وقف معي في مرضي في غسيل الكلى، يسأل عني ويطمئن على صحتي عند عودتي من الغسيل الكلوي، وكان يقول لي: “شدة وتزول”، ويعطيني أملًا -بعد الله- أنه سوف نسعى ونعمل ونبحث عن زراعة للكلى، وكنت أستمد منه القوة والثقة بعد الله، وكان يطلب مني الصبر، وأن هذا ابتلاء من الله، وأن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه؛ ليسمع صوته ومناجاته، فأفضاله لا أستطيع حصرها، لا عليَّ ولا على زوجي ولا على أولادي، وكلي أمل وثقة بالله في أن يشفيه ويرده إلى بيته سالمًا معافى..

اما ابنته شذى فكانت سطورها مليئة بكل المعاني السامية التي تفتخر بها ابنة بوالد عظيم، فتقول
(كُلُّ فتاةٍ بأبِيهَا مُعجبةٌ).
ولا عَجَب في ذلك، لكن الجميل أن ميَّز الله أبي بصفات وأفعال قلَّما نجدها في يومنا هذا، هو للبعيد قبل القريب سند، واصل لِرَحِمه، وكان أشد ما يحرص عليه زيارة المريض إلى أن يبرأ، من الناس من فقدوا آباءهم فوجدوا في حنانه أبًا؛ فلقبوه (أبوي إبراهيم).
أبي، كريم.. حليم.. صبور.. قويٌّ.. رحيم.. باختصار
(ندر وجوده بين رجال اليوم، فقد أتقن جميع الأدوار، هو زوج، وأب، وأخ، وصديق، وجدٌّ، وصاحبٌ عظيم).

أما ابنته آمال فتلخص كل المشاعر الجياشة بعبارة
(ومن كأبي!)
فقد وهبه الله قلب أمي -رحمة الله عليها- فتدفق علينا بحنانه وحبه وعطفه ودلاله لنا ولأبنائنا وبناتنا. كان أبي -حفظه الله- نموذجًا في كل موقف، اعتدت أن أسرد قصصه ومواقفه لجميع بناتي وأحفادي وكلنا إعجاب وفخر بما نسمعه ونراه من أقواله وأفعاله.

أما ابنته هيفاء فتقول: قضت جدتي وجدي معظم أيامهما في بيته، فهو الابن البار، الذي يرى الجنة في عينيهما.
أبي كان لكل فرد منا الصديق، والأخ، والأب، والمعلم، والمدرب، وكان كل يوم يتواصل معنا بلقاء بعد صلاة المغرب ممن يعيشون معه بجدة، يسأل عن يومنا وكيف قضيناه، أو هاتفيًّا لمن كان مقيمًا خارج جدة؛ حتى يثري حياتنا بمشاعر المحبة ويخفف عنا عبء البعد، وكان لأبنائنا الجد المقرب والمحبب لأنه من ألطف الناس تعاملًا معهم.

وتقول الأستاذة فاطمة الراشد عن خالها أبي عبد الله:
تفاصيلك يا خالي الحبيب تترجمها حروف اسمك الرنان (إبراهيم)، فبدايته أب، فنعم الأب أنت! ليس لأبنائك وبناتك فقط، بل أب لجميع أفراد العائلة الكريمة، ولو أضفنا الحرف الثالث لوجدنا الكلمة تصبح (أبر) نعم أبرُّ ابن بوالديه، وخاصة جدتي فاطمة التي كان بارًّا بها، يتلمس حاجاتها بنفسه.

وتقول عنه ابنته لولوة:
خلف كل رجل عظيم امرأة عظيمة -رحمة الله عليها- الوالدة كانت أكبر داعم لنجاح الوالد، فهي شريكته فيما وصل إليه اليوم، وكانت فخورة جدًّا به وبإنجازاته، وحرصت على جمع مقالاته، وحثنا على قراءتها والاحتفاظ بها.

أما حفيدته موضي الراشد فتقول:
من مثل جدي!! لقد كان -ولا يزال- من أغلى الناس في حياتي، هو الحبيب والصديق، وهو المستشار والقدوة الصالحة، هو الجد الذي يسبغ الدلال على أحفاده وبناته وأولاده، وفي نفس الوقت حازم وجاد إذا تطلب الأمر ذلك.

 

وأختتم بهذه الكلمات المؤثرة من حفيدته
الجوهرة الراشد:
جدي وقرة عيني، هو ذلك النوع النادر من الأشخاص، الذي يشاركك دربك ويوجه روحك إلى الشمس ويُعيد نور روحك.
جدي هو الأب، والقدوة، والصديق، والأذن المصغية، والكتف الصلبة إلى الأبد، رغم التعب.
جدي هو من زرع الأمان والطمأنينة والمساواة بين أحفاده.
هنيئًا لك يا أبا عبد الله بهذا الطوفان، النهر الجاري من مشاعر الحب والاحترام والتقدير التي تغنى بها أهلك ومحبوك في كل مكان، تسابقوا ليظهروا لك أنك عندهم واحة الأمان، والأب الإنسان، الذي أحبهم وأحبوه في وفاء عظيم، شكرًا لكل ما قدمت من عطاء مهني راقٍ، سواء في مجال النقل الجوي، أو سلك التعليم الذي كان شاهدًا على نموذج مشرف من المدارس التي أدرتها بعد تقاعدكم باحترافية، وهدف سامٍ نبيل، أسأل الله أن يمن عليك بالشفاء، ويعظم لك الأجر والجزاء، إنه على كل شيء قدير.

مقالات ذات صلة

‫13 تعليقات

  1. اولا ومن كل قلبي اقول عقيمة هي حروفي في حقك ياأبي لكنك ياالله لن تضيع اجر من احسن عملا وابي كان من المحسنين في عملهم المخلصين في كل اموره بارك الله فيك وجعل كلما اصابك رفعة في درجاتك وميزان حسناتك

  2. در ولؤلؤ تلك الحروف التي سمت بأبجديتها فوق هام السحب لترتقي وتعلو بمن كانت له اليد الخضراء في ذاك الخير النابض بكل بقعة من مدن المملكة ..ومن عمل بإخلاص و ارتقى بكل جوانب حياته ..سلمت الأنامل التي أسدلت أنوارا على شمس أعماله الساطعة في كل مكان ..وبوركت الأفكار التي تعالت وأصبحت أيقونة مجد للحياة الكريمة وكنزا موفورا للحصول على الفردوس من الجنان ..وميثاق للرحيم الرحمن ..بأن يمنّ بشفاء عاجل لمن كان ومازال للخبرة والإخلاص والعمل الصالح أكبر عنوان .. قوافل شكر وود لكم أيها الأديب المبدع فكل ما كتبته نور وأهداف كلها اتزان ..

  3. أستاذنا الفاضل حسن العمري … بعد وافر التحية والتقدير

    كنتُ أعلم تماماً صعوبة المهمة وحجم المسؤولية ، لأن قلمكم المبدع يتصدىٰ للكتابة عن شخصيةٍ محوريةٍ قياديةٍ جامعة ، وبكل الاعتزاز ، أسجل إعجابي الشديد بحرصكم على التواصل مع كل المحبين ، وكل من تشرف بمرافقة أبو عبدالله في رحلة الإنجاز والعطاء ، تدفقت المعلومات وأمواج الذكريات وجبال المواقف والأحداث . وسط هذا الزخم الهائل ، تمثل التحدي الأكبر في كيفية إخراج كل هذه المعلومات في قالبٍ سلس مترابطٍ جذاب .

    لقد تبلورت لمساتكم العبقرية ، وبأسلوب السهل الممتنع ، في تقديم الصورة المتكاملة للوالد والجد الحنون ، للرائد الفذ في فنون القيادة ، للسمات الفريدة لشخصيةٍ نالت كل الاحترام والتقدير وكانت ولا تزال ، القدوة والمثل لكل من يتطلع إلى النموذج الأمثل في خدمة الوطن الغالي ، والعمل على رفعة وازدهار محبوبته ، الخطوط السعودية ، والدفاع عن مصالحها بكل قوة .

    نعم ، قدمتم الصورة للموجّه القدير ، للمسؤول المتواضع ، الحاسم الإنسان ، للداعم والمساند لكل عملٍ مخلص ، لمصدر الشجاعة الذي لايعرف ولا يتعامل مع أصحاب الأيادي المرتعشة ، للنبع المتدفق بالخير في كل ميادين الخير . لقد جاء مقالكم أستاذنا الفاضل ، في سياقٍ تنبض كلماته بأسمى مشاعر الحب والامتنان والوفاء لوالد الجميع ، سعادة الأستاذ إبراهيم العبدالله الدغيثر ، شفاه الله وعافاه .

    مبروك بركة ..

  4. أبي ومن مثل أبي
    منذ عرفت أبي وحتى شيخوخته يأبى أبي أن يكون حملا على هذه الدنيا بل – ويعلم ذلك يقينا كل من سعد بالتعامل معه- عونا فيها، كان -أطال الله بعمره ومتعنا ببقائه- ولا زال”رجلاً إن أتوا بعدهُ يقولون مرّ وهذا الأثر” فعلا لا قولا، إن حضر ظهر وإن غاب حضر وإن أتاك أو أتيته فياسعدك! أينما حلّ هلّ فإن كان مالاً بذله وإن كان جهدا بذله وإن كان جاها سعى فيه. لم يكن حفظه الله وعافاه حملا زائداً أبدا فله “الصدر دون العالمين أو القبر”.

  5. أثابك الله أبو نواف، أحسنت في اختيارك لهذه الشخصية الفذة، التي تستحق الإشادة و كل التقدير، و دائما مبدع تسطر كلماتك بكثير من الإحساس.
    أنا شخصيا من ضمن الكثير من أبناء المؤسسة الذين تأثروا بدعم كريم من أخونا الكبير و العزيز على قلوبنا ابو عبد الله، ربي يشفيه و يسعده. لعلي أذكر شيئا يؤكد مما ذهبتم إليه في حرصه على الاستماع و الانصات للعملاء و سعة صدره و تقدير النقد. ففي منتدى كبير و استثنائي مع وكلاء السعودية و تحديدا الذي عقد بمدينة الطائف و كان من ضمن جدول الأعمال تحسين أنظمة و إجراءات الحجز و التذاكر لضمان تخفيف معاناة الركاب و الهدر للمقاعد. و كانت النقاشات ساخنة جدا لدرجة توجيه اللوم و الاتهامات و منها لبعض الحالات الشاذة والتي لا تمثل الخطوط السعودية و قواعد عملها و قيمها. و اتخذت السعودية في حينها بتوجيهات حازمة من سعادته عدد من القرارات التاريخية بالمؤسسة لمعالجة المسائل الهامة ساهمت في تحسين كفاءة الأداء و اعتبار الوكلاء شركاء أساسيين لنجاح الأعمال. الأهم من ذلك ثقة و دعم القيادة العليا و الإدارات التنفيذية لكل القرارات و هذا ما يجعلك تفخر بتناغم أعمال القطاعات لتحقيق أهداف المؤسسة و حرصها على عملاءها و موظفيها في بيئة تنافسية أقل ما توصف بالشراسة. و الأمثلة كثير ولا تحصى ولا تعد. بارك الله في صحته و عمره و حفظه من كل سؤ. و شكرا

  6. عم إبراهيم كان خير عون لنا حين توفى والدي أحمد بوبشيت حيث كان من اعز أصدقائه….وكل ما قيل في عم إبراهيم قليل في حقه فهو الرجل الوفي والأب الحنون والصديق الوفي لوالدي الله يرحمه وكل ما قيل فهو لا يوفقه حقه ربي يجعل كل ما قدم لنا في ميزان حسناته ربي يجزيه جنة عرضها السموات والأرض وسامحوني ان ما كتبته لا يوفقه حقه

  7. أخي العزيز الغالي حسن
    حسناً وانت حسن
    خلال فترة عملي في المحبوبه والغاليه السعوديه واللتي تجاوزت الأربعون عاماًكانت هناك محطات جميله في حياتي توقفت عندها مليّاً وتوجهت لله حمداً وشكراً أن اكرمني وخصّني مع البعض بها
    ومن أهم هذه المحطات محطّتي مع احد اهم القادة اللذين تأثرت بهم إيجاباًوتزوّدت واستذت ونهلت من بحر علومهم ونهجهم وإحترافيتهم في الإداره والخدمه والتعامل مع الآخرين في مجال صناعة الطيران .
    كان أحد أبرز القاده اللذين أنجزوا وسجلوا مجداً ذهبياً للسعوديه وفي السعوديه بالإمكانات المتاحه اللتي لاتقارن مع عصرنا وعهدنا الحالي ،
    أستاذنا وقائدنا ( أباعبدالله ) القائد إبراهيم العبدالله الدغيثر.
    إبراهيم وماأدراك ماإبراهيم….
    مناهج عديده وتخصصات متعدده
    ومنها منهج إستثماروإحترام الوقت
    وإحترافية التحضير ليوم وايام وشهور وسنوات عمل .
    كان ابا عبدالله حفظه الله يحفّزنا ويتابعنا على ضرورة الإلمام بكافة المعلومات التشغيليه المطلوبه للتمكن من إتخاذ قرارات ناجحه تمكّن شركة الطيران من تحقيق النجاح تلو النجاح وتحقيق إحترام وثقة العميل في شركة الطيران ( الخطوط السعوديه )
    كان يتواصل ويتابع معنا يومياً العمليات التشغيليه في مطارالملك عبدالعزيز وكنا نسابق الوقت للحصول على إتصاله ونجيب على كافة إستفساراته ومتابعاته للرحلات والطائرات والإنضباط التشغيلي ومعلومات الشحن .
    وعلى الرغم من تحضيرنا الجيد للتمكن من الإجابه على إستفساراته إلا أننا نتعلّم في كل مره من هذه الإتصالات معلومات جديده ومتطلبات لتحضير أكثر إحترافيه .
    كذلك كنا نجد في أبا عبدالله يحفظه الله كل الدعم والمسانده
    حين إحتياجنا للإستشاره والدعم ودعم القرار اليومي لسير العمليات التشغيليه للرحلات والخدمات المقدمه للمسافرين في المطار حين الحاجه لذلك…..
    لله درّك ابا عبدالله شخصيه مميّزه جمعت بين قوة الشخصيه وإحتضان المسئول لأبنائه واخوانه وزملائه الموظفين وقت الحاجه لذلك .
    لديّ الكثير الكثير من لمساته الرائعه ووقفاته الحانيه معنا وفقه الله ومتّعه بالصحه والعافيه وسأظل أعمل بنصائحه ماحييت .

  8. ماذا عساي ان أضيف إلى ماكتبتموه ياسيدي عن الاستاذ النبيل إبراهيم الدغيثر..متعه الله بالصحه والسعاده والعافيه…أمين
    .احيانا تكون الكلمات وثيقة لمرحله من المراحل وفصلا باهرا وممتعا عن تأريخ كفاح إنسان بسيط وعمل دؤؤب شارك في صنعه العديد من الشخصيات من أجل التطوير وتعزيز الصوره..
    لقد جمع الاستاذ ابراهيم الدغيثر في شخصيته الفذه العلاقات الإنسانية والإصرار والصدق والإخلاص والحزم في إدارته المتميزة..وكان بارعا في كشف المعدن النقي للروح الإنسانية ..وكما تحدثتم في مقالكم إن محور شخصية أبوعبدالله أنه ينتمي لجيل عاش حياة صعبة ولكنه استطاع ان يحقق لنفسه مكانه مرموقه في المؤسسة الغاليه علينا جميعا وبين اخوانه وان يقدم لنا نموذجا لقصة كفاح حياة رائعة ..
    ان العمل في الخطوط السعودية ليس ماضيا..وليس تاريخا ولكنه نبض الحاضر وخلاصة المستقبل..مجتمع شديد الغنى والتنوع ..واكبها شخصيات رفيعة المستوى على قدر كبير من إنكار الذات وإخلاص العمل..
    كلماتك..وكلمات كل الزملاء الافاضل شهادة كبرى عن حقبه خصبة وثرية وجميلة.. حافلة بالاعمال والامال والأحلام والتعب…
    ?حفظكم الله و رعاكم وأدام عليكم نعمة الصحة والعافية..

  9. جزاك الله خيرا اخي حسن لتسليط الضوء علي مسيرة شخصية استاذنا الانسان ابراهيم عبدالله الدغيثر المتميزة، القوية، و الحازمة التي ساهمت بفعالية في تطوير اعمال الخطوط الجوية العربية السعودية خلال فترات كانت تتسم بمحدودية الامكانيات.
    تلك الشخصية التي تركت بصماتها الايجابية الراسخة في مسيرة كيانات وافراد.
    نعم الأستاذ ابراهيم هو كما ذكرت في الاضاءة واكثر. لقد عرفته خلال فترة عملي في الخطوط السعودية والتي امتدت ل ٢٧ عاما داعما ومشاركا في مبادرتنا التسويقية لتطوير اعمال وكالات السفر، وتطوير برنامج الفرسان، والبرامج السياحية، والمؤتمرات والانشطة التسويقية الاخري.
    الاستاذ ابراهيم أطال الله بعمره شخصية بشوشة، متفهمة، محبة للخير ، تقف مع الحق وتنصر المظلوم.
    الاستاذ ابراهيم محب للاخرين ويحرص علي جمعهم سنويا في منزله العامر للسحور في منتصف شهر رمضان المبارك، وهي مناسبة يتطلع اليها دائما الجميع.
    حفظ الله استاذنا ابراهيم ، و ادعوا الله ان يمد بعمره وان يمتعه بالصحة والعافية وان يبارك له باسرته الكريمة.

  10. الأستاذ / أبراهيم الدغيثر شخصية عملت في صمت وأدب ودماثة في خلق وأوامر تنفيذية تصدر في مصلحة مؤسسة عريقة كان هو الرجل الثاني في قيادتها ( الخطوط الجوية العربية السعودية )لم أكن أعرفه عن قرب وقتها وأنا أعمل كموظف عادي مثل كل الموظفين إلى أن تقاعد من منصبه ولكن علاقته لم تنتهي مع زملائه فكان يقيم مأدبة للسحور في رمضان لا يأبه أبداً بتكاليف مايتم الصرف عليها وما اوقفتها إلا جائحة كرونا والجميع يعرف.بذلك،،،
    لقد كان قريباً ونسيباً أصبح جداً للدكتور / عبدالله الراشد زوج إبنتي الدكتورة من هنا كان قريباً وما لاحظته انه شخصية لايتحدث بلغو الحديث إلا كراماً ولا يمر به شخصية فذة ورجل إحسان يشهد له القاصي والدأني ،،،
    اليوم هو بين يدي الرحمان الرحيم يصار ع أمراضًا تخفيفاً ورحمة لرجل لانرأه إلا محسناً عاش في صمت وعمل في صمت نسأل الله أن يرفع عنه ماأصابه انه على ذلك قدير محي العظام وهي رميم .

  11. وبما اننا نتحدث عن ابراهيم الدغيثر الاداري المحنك فلا انسى انه بعد تقاعده توجه لسلك التعليم وقام بادارة احد المدارس التي يشار لها البنان والتي خرجت الكثير ممن يخدمون الدين و الوطن في جميع مجالاته
    وعندما تخرجت من كليتي طلبت الانضمام الى المدرسة كمعلمة او ادارية اذكر حينها اني طلبت من الوالده ان تتوسط لي عند الوالد ،، ناداني حينها وقال لي هل انت مستعده للعمل تحت ادارة ابراهيم الدغيثر وليس والدك فانا في العمل شديد ولا اقبل اي تقصير وقتها قلت له رغبتي ان انهل من علمك والحمدلله عملت تحت ادارته وكان دقيق فكنت موظفه ٢٤ ساعة لا ينتهي عملي بعودتي الى البيت وهذا كله بسبب احساسه العظيم بالمسؤلية وحرصه على اداءا الامانه التي حملها دون اي تقصير

    واذكر بعد وفاة والدتنا التي كانت بمثابة كل شيء بالنسبة لنا اصابنا نوع من الفتور والركود والملل في العمل ، وعلى الرغم من هذا الوالد حفظه الله كان يدفعنا الى العمل واستمرار الحياة كنا نعتقد ان المدرسة هي من ابعدتنا واشغلتنا عن امنا فلانريدها ان تبعدنا عنه ايضا وكنا نحاول الخروج من المدرسة وتسليم العمل لمن نراه مناسب والتوجه الى اعمال جديده لا تتطلب هذا الجهد الذهني والجسدي الكبير الذي تبذله كل واحده فينا في المدرسة ولكن الوالد حفظه الله لاحظ مننا هذا الشيء فاجتمع بنا وقتها واعاد علينا هدفه الاساسي من دخوله سلك التعليم قائلا : والله يا بناتي اذا تعتقدوا اني فتحت المدرسة لاجل عائد مالي فاحب اطمنكم ان الفلوس موجوده والمدرسة اصرف عليها اكثر مما تصرف علينا وللعلم يا بناتي انتم في بيتكم ومن مطبخكم تستطيعون عمل مشروع تكوني منه ثروه تغنيك وتسد حاجتك -وكان هذا الحديث عام ٢٠١١ – – ولكن يا بناتي الفلوس ليست كل شيء فبهذه النوعية من الاعمال ماذا قدمتي لدينك؟ ماذا قدمتي لوطنك ؟ تذكروا يا بناتي انه الطالبه واالطالب الذين تعلموا سورة الفاتحة وغيرها من القرأن الكريم في مدرستنا وسيقرأونها لاخر يوم في حياتهم سيكون لنا اجرها في الدنيا والاخرة وغيرها من الاخلاق والاداب التي للمدرسة الدور الكبير في غرسها وتنميتها كحب الوطن وخدمته ومعرفة حقوقه وكذلك واجباته تجاه وطنه ودينه ومجتمعه وكل هذا وغيره ماهو الا نتاج تلك البذرة التي زرعتيها في هذا الصرح وتعهدتيها بالرعاية حتى تنمو وتثمر وتخرج جيل يعتز بدينه وهويته ومقبل على خدمتهم وتمثيلهم باحسن صوره

    واليوم ٢٠٢١ مازالت مدرستنا تدار باشرافنا وتخرج اجيال نلتقي بهم بين الوقت والاخر منهم من اصبحت طبيبة والاخرة معلمة وموظفة بنك وموظفة استقبال وصيدلانية وموظفة جوازات وغيره وغيره والاهم انهم يهرعون للسلام علينا وتعرفينا بانفسهم وذكر بعض المواقف الطريفة ولا يخلوا سؤالهم عن الوالد حفظه الله فالكل يعتبره اب اخر لهم

    هذا فيض من غيض ومآثر ابي لا تعد ولا تحصى احمد الله دائما وابدا ان حباني وانعم علي بانه ابي

    1. تعليق ضافي من الابنة لولوه ابراهيم الدغبثر يستحق التأمل وشهادة فخر لهذا الاب الكبير بافعاله واعماله

  12. عمنا ابراهيم ‘ كان هو الوالد لنا بعد وفاة والدي منذ 23 عام ‘ كنا أطفال وفي أقصى شمال المملكة ‘ يتصل بنا بشكل دوري ويطمئن على حالنا وسعى معنا بكل السبل لعبور صعوبات الحياة

    يارب متعه بالصحة والعافية وطولت العمر ولاتفجع قلوبنا عليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى