ما دعاني لكتابة هذا المقال هو تجربتي مع أحد مكيفات منزلي الذي شد انتباهي تدفق قطرات الماء الغزيرة منه؛ فخلال فترة انتظار حضور فني صيانة الشركة وضعت إناء مؤقت لتجميع الماء المتساقط من جهاز التكييف الداخلي لمدة يومين، وكانت المفاجأة من كثافة كمية الماء الذي تخلصنا منه في ري مزروعات المنزل كفكرة عابرة وقتها إلا أنها استوقفتني للتفكير مجددًا عن الكمية المهدرة في باقي أجهزة التكييف في المنزل التي تذهب إلى الصرف الصحي دون الاستفادة منها كمياه صالحة لبعض الاستخدامات المحدودة التي توفر ما نستهلكه من مياه صالحة للشرب، وهذا التفكير أخذني، وجعلني أتعمَّق أكثر في تصور الكم الهائل المهدر من أجهزة التكييف في المساجد والمنازل والقصور والوزارات والقطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وجميع المجمعات السكنية بما فيها الفنادق والمستشفيات والمراكز والأسواق والمحلات التجارية؛ فكم من كمية المياه المقطرة الصالحة لبعض الاستخدامات المحدودة، والتي تعتبر ثروة مهدرة لم يتم استثمارها الاستثمار الأمثل.
وإنني وعبر صحيفة “مكة” المكرمة الإلكترونية أُناشد المجتمع وعلى رأسهم جميع مؤسسات المجتمع المدني الحكومية والأهلية أن يفكروا في الآلية والكيفية التي يستثمرون فيها استخدامات تلك المياه؛ وخاصة الجهات المختصة في الموارد المائية من خلال تبني تعميم استثمار هذه المياه بعد سن التشريعات المنظمة لها.
ومن الآلية التي تُساعد في استثمار تلك المياه هو تأسيس شبكة تصريف خاصة لكل عقار جديد وتغيير، وتحويل تصريف مواسير المكيفات لكل عقار قديم من شبكة الصرف الصحي إلى شبكة تصريف خزانات خاصة تتقيَّد بالمعايير الصحية والبيئية، وتتناسب مساحة أحجامها مع حجم ومساحة العقارات وكمية المياه التقديرية للمكيفات، وإذا تعذّر إنشاء خزانات خاصة فيتم تصريفها مباشرة إلى الحدائق والمزروعات على أنه بالإمكان الاستعانة بالخزانات الجاهزة لخزن المياه فيها؛ حيث يمكن استعمالها في الاستخدامات التالية:
1- استخدامات الوضوء في الحرمين الشريفين، وباقي الجوامع والمساجد وجميع استخدامات الغسيل في المنازل والقصور والفنادق والمستشفيات، ومغاسل السيارات ومغاسل الملابس والمصانع وغيرها التي تستنزف المياه الصالحة للشرب.
2- ري المزروعات والحدائق في المنازل والقصور والفنادق، وجميع المساحات الزراعية التي تستنزف المياه الصالحة للشرب.
3- سقي الحيوانات والمواشي ولاسيما مزارع إنتاج اللحوم والألبان التي تستخدم المياه بكثرة في مشاريعها الاقتصادية.
وبلا شك فإن استثمارها بهذه الطريقة أو بطرق أخرى سيكون له فوائد إيجابية عديدة، ومنها على سبيل المثال:-
1- المحافظة على الموارد المائية.
2- المحافظة على البيئة.
3- خفض فاتورة الاستهلاك.
4- تعزيز ودعم نظام الترشيد.
وأخيرًا أرجو من الجهات المختصة، ومن مراكز الدراسات والبحوث إعداد وتنفيذ دراسة عاجلة للمياه الخارجة من مكيفات مجمع سكني أو قطاع تعليمي أو قطاع خاص ومشاهدة إحصائية الأرقام، ومن ثم القياس عليها وفق جداول حسابية نظرية لرؤية الثروة المهدرة من مياه المكيفات، وما يمكن أن توفره من حسابات اقتصادية وفوائد بيئية وبلا شك أن هناك مختصين يستطلعون بحسابات دقيقة كم ينتج من كمية الماء حسب حجم ونوع وسعة المكيف وحسب زمن التشغيل، وحسب درجة الحرارة المطلوبة مضروبًا في عدد المكيفات، ولديهم من الأفكار ما يفوق، ويتفوق على ما ذكرته، ولكن حسبي أنني أرجو المشاركة في تبني وتطوير الفكرة بما يحقق الهدف منها والله الموفق.
سبحان الله، وجعلنا من الماء كل شيء حي.
الأهداف في كثير من نعم الحياة، من الوقت والصحة التي جاءت في تحذير النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله: نعمتان مغبون فيهما ابن آدم الصحة والفراغ.
ولهذا فان الفراغ بمعنى الوقت المهدر الذي لا ينتج عنه فائدة تنفع صاحبها او مجتمعه، وقد اصبتم استاذ فريح عندما تنبهتم الى الكم الهائل الذي يوازي بحيرات من المياه وتمتصها الأرض او تتبخر قبل ان ينتبه اليها احد.
وزارة الشؤون البلدية ان اضخعت مقالكم للتحليل، فستستطيع اهداء وزارة البيئة والزراعة والمياه بدعم مائي يخصص لمشروع مليار شجرة الذي بدأت المملكة في تبنيه ووضعت له اعتمادات اللوجستية، فتكون هذه الثروة المائية احد دعائم المشروع.
وفقكم الله وسدد خطاكم.