المقالات

الدكتور طه حسين والثناء على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب

هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التيمي النجدي (١١١٥-١٢٠٢هـ).
ولد ونشأ في ( العيينة ) بنجد ، ورحل إلى الحجاز والبصرة ، وتعلم بالمدينة المنورة ، ثم استقر بنجد في ( حريملاء ) حيث كان والده ،قاضيًا ، ومنها انتقل إلى مسقط رأسه ( العيينة ) داعيا إلى مذهب السلف – مدرسة أهل الحديث -مركزا دعوته على تطهير عقيدة التوحيد مما شابها من تصور وأوهام .
وبعد حقبة من التعاون مع أمير ( العيينة ) عثمان بن حمد بن معمر تخلى الأمير عن دعوة الشيخ ، فغادر ها إلى (الدرعية ) حيث تحالف مع أميرها محمد بن سعود ، فأصبحت الدعوة السلفية مذهب الدولة السعودية ، فوضع الأمير قوة إمارته في خدمة الدعوة ، وخاض المعارك ضد القبائل الرافضة لها .
وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رجل الدعوة ، بل وفي طليعة جيش الإمارة التي اتسعت حدودها فشملت شرق الجزيرة وأجزاء من اليمن ومكة والمدينة والحجاز .
ولقد استمر أمراء آل سعود من عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله-في العمل على نشر دعوته ،واتخاذها مذهب الإمارة .
ويعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أهم من انتقل بالتجديد الإسلامي في العصر الحديث ، من إطار التجديد الفردي والمشروع الفكري إلى إطار الدعوة التي اتخذت لها دولة في حمايتها ودعم نشرها ، لذا لقيت الدعوة تأثيرا كبيرا واستمرارية مالم تحظ دعوات التجديد الأخرى .
ولقد كان تجديد الشيخ محمد بن عبد الوهاب واجتهاده اختيارًا في إطار المذهب الحنبلي ، واستدعاء لنصوص ومقولات أعلامه ، وخاصة منهم مؤسس المذهب الإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله – أكثر مما كان إبداعًا فكريا مبتكرا وجديدًا.
ولقد ترك الشيخ – رحمه الله- العديدمن الكتب والرسائل التي عالج فيها المشكلات التي اهتمت بها دعوته الإصلاحية ، منها ( كتاب التوحيد ) و ( كشف الشبهات ) و ( تفسير سورة الفاتحة) و ( أصول الإيمان )و ( تفسير شهادة أن لاإله إلا الله ) وغيرها من الكتب التي تدل على غزارة علمه ودقة فهمه وقوة حفظه .
إن كثيرا من المفكرين والمثقفين تحدثوا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثنوا على جهوده في التجديد والإصلاح ، ومنهم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي في عبارات دقيقة يثبت فيها فضائل دعوة الشيخ وعلى أنها دعوة للعودة إلى المفهوم الصحيح للكتاب والسنة ، ويستعرض أوجه التشابه بين دعوة الشيخ والدعوة النبوية الكريمة في أول عهدها فيقول ( ومن الغريب أن ظهور هذا المذهب الجديد في نجد قد أحاطت به ظروف تذكر بظهور الإسلام في الحجاز ، فقد دعا صاحبه باللين أول الأمر فتبعه بعض الناس ، فلما أظهر دعوته أصابه الاضطراب وتعرض للخطر ، ثم أخذ يعرض نفسه على الأمراء ورؤساء العشائر كما عرض التبي نفسه على القبائل ، ثم هاجر إلى الدرعية وبايعه أهلها على النصر كما هاجر النبي إلى المدينة المنورة ، ولكن الشيخ لم يرد أن يشتغل بالسياسة ، فترك السياسة لآل سعود واشتغل هو بالعلم والدين ، واتخذ السياسة وأصحابها أداة لدعوته )
ثم يتطرق الدكتور طه حسين إلى بيان تأسفه الشديد لوجود عوائق منعت دعوة الشيخ عن الوصول إلى مصر والبلاد العربية حينها بسبب الدور التركي ( العثماني ) والمصري حينها فيقول ( ولولا أن الترك والمصريين اجتمعوا على حرب هذا المذهب ، وحاربوه في داره بقوة وأسلحة لاعهد لأهل بها ، لكان من المرجو جدًا أن يوحد هذا المذهب كلمة العرب في القرن الثاني عشر للهجرة كما وحد ظهور الإسلام كلمتهم في القرن الأول الهجري ).

——————-
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button