كلمة مكة
لم يكن البُعد الثقافي غائبًا في يومٍ من الأيام عن مشهد الحراك السعودي، فالمجموع الثقافي بجميع جزئياته وفروعه كان حاضرًا في كل مراحل تطور الدولة السعودية الحديثة، واستلهام القيادة للتأثير الراسخ للثقافة في تطور فكر الفرد والمجتمع كان دافعًا أساسيًا لحالة الاهتمام المتزايد بالثقافة ترسيخًا وتجسيرًا ونشاطًا؛ لذا فلا غرابة في هذا الزخم المتزايد من المهرجانات والمعارض التي تشهدها المملكة حتى في وقت ما زال العالم يستجمع قواه للخروج من أخطر أزمة في العصر الحديث.
المهرجانات الثقافية والعلمية ومعارض الكتب والتراث التي شهدتها المملكة في الآونة الأخيرة تُعبَّر عن بداية للدفع باتجاه حراك متصل سيتعاظم في قادم الأيام ليؤسس لقاعدة متينة للثقافة السعودية المعاصرة، ويجسرها عبر قنوات متعددة نحو أفق واسع إلى أرجاء المعمورة.
لقد جاء إنشاء حكومتنا الرشيدة لوزارة متخصصة في الثقافة تعبيرًا عن البُعد الثقافي العميق في روح القيادة الرشيدة، وهو ما سيساهم في تنمية المجموع الثقافي، وتعاظم فوائده للدولة والمجتمع.
الثقافة وعاء واسع يضم الكثير لكن حالة تنظيمية لكل ذلك مطلوبة لتعظيم الإيجابيات وسيادة تأثيرها في المجتمع. إن فعالية الثقافة في المجتمع المعاصر تعبَّر عن الاستعداد الإيجابي لدى كافة شرائح المجتمع للتفاعل مع كل الفعاليات والتعامل بإيجابية مع تأثيراتها المختلفة الشيء الذي يحفز القائمين على الشأن الثقافي للاهتمام المتزايد بالحالة الثقافية وتنويعها وتطويرها ما سيعد مجتمعًا قادرًا على التفاعل والتأثير في المحيط العالمي بأبعاده المختلفة؛ إذ إن ثقافتنا بجميع مكوناتها وتراثنا الأصيل هي مفخرة لنا كونها أساس فكرنا ومنطلق حركة حياتنا، ومثلما أن تنظيمها وتطويرها له فوائد لا تحصر على مجتمعنا بناء لفكرة وحفظًا لهويته وترسيخًا لتاريخه، فهي كذلك أدوات هامة يُجدر بنا استخدامها للتأثير على الآخر، فواقع الحال أن الأمم تستخدم قواها الناعمة للتأثير فيما بينها وثقافتنا السعودية العربية الإسلامية هي خير أداة نؤثر بها على الآخر؛ لتكون مشاركتنا في مجمل الثقافة الإنسانية فاعلة ومؤثرة تكسبنا مساحة أوسع من التأثير نستحقها؛ لذلك فالانفتاح على العالم بالاتجاهين مطلوب تفعيله ثقافيًا على وجه التحديد بتقديم ثقافتنا وتراثنا الأصيل إلى شعوب كثيرة غيب عنها إعلامها وجهنا المشرق قرونًا من الزمان، وحان الوقت لتطلع على الواقع الإيجابي لثقافتنا التي تستحق أن تكون ركنًا أساسيًا في الفكر الإنساني والثقافة العالمية.