من منّا لم يطمح يومًا أو يفكر بمشروع يبدأه صغيرًا ليتنامى مع مرور الوقت؟
وبما أننا أصبحنا مجتمعًا قفزاته تفوق التوقعات، فمن الطبيعي جدًا أن كل حالم وطامح سيركض سعيًا حثيثًا خلف ما يأمل، وخطوة خطوة، بالجهد والعمل والمثابرة، تكبر المشاريع، وتكبر الإنجازات، ونصل إلى مبتغانا.
بالنسبة لكثيرين لم يكن هذا محض حلم، بل كان واقعًا سعوا له ووضعوا لبناته الأولى ليستمر ويتميز ويبقى وينتشر. إلى أن تشعَّبت بهم السبل، وتعقدت خيوط العمل، وتراكمت التحديات بين تقنين له قواعد وآخر مستهجن متخبط.
وهنا أتوقف لأسأل وأنتظر الحل لا الإجابة من كافة القطاعات المعنية بالأعمال –
وزارات – مؤسسات ومنصات مستحدثة -.
علمًا أن الجميع مع كل تطور وكل جديد، وكل تقدم علاوة على مواكبة العصر الرقمي الذي سيكفل الكثير من النجاح والكفاءة،
إلا أن التأني والتعاون والترابط مطلب مشروع؛ ليخفف غموض القرارات التي تدعونا للتخبط ولنتائج عكسية لا أحد يرجوها..
***
أقولها عن تجربة يُشاركني فيها الكثيرون من رواد الأعمال، هناك تعجب واستغراب من الاستحداث والتطوير والتحديث الذي يتبعه حيرة التطبيق .. وعند البحث عن تفسير وتوضيح … لا إجابة!
وعند مراجعة مقرات الجهات المعنية حضوريًا، لا استقبال … وإن تم فائضًا لا إجابة!
لا يكفي أن توفر مراكز الرد على أرقام مجانية يجيب عليها ضعاف الخبرة أو محدودة الصلاحيات .. أو لدعم فني مكتوب لا يفقه إليه التعامل لا التجاوب، وحل المشكلات.
المطلوب هو توفير الخدمات بشكل أوفى وأوضح؛ لأن الذي يحدث اليوم تعقيد ودوامة لا نهاية لها.
فما أن يتم الاستفسار إلا وتكون الإجابة:
⁃لست الجهة المختصة. إذن من أنتم؟
⁃عليكم بمراجعة الجهة المختصة. من هي؟
⁃نرجو من صاحب الحساب التواصل شخصيًا. ماذا عن المفوض؟
⁃الدائره غير معنية بالأمر . إلى أين أتوجه؟
***
كل ماسبق وأكثر يمر على كل من يتعامل مع مراكز التواصل بهذه الجهات، وبشكل يومي.
لم تكن تجربة فريدة بل تجارب الكثير من أصحاب العمل والمتعاملين مع الأنظمة الحكومية، ومنصات التواصل.
فرغم كل توجيهات القيادة الرشيدة بتيسير المبادرات والأعمال ومشاركة القطاع الخاص والعام، والتعاون لتحقيق أهداف النمو الاقتصادي، لايزال هناك الروتين والحجج المعهودة (النظام لا يسمح – النظام تحت التحديث – احجز موعد – المختص بإجازة – راجعنا غدًا… إلخ).
***
التطور والرقمنة هي الطريق الأكثر فعالية والأسرع. ولكننا بحاجة تجربة مكثفة سابقة للتطبيق، لكي يتفادى المستخدم كل هذه العقبات.
فكافة الشركات الكبرى وعلى مستوى العالم عندما تطرح أي جديد تجعله خاضعًا للتقييم، وعند الطرح يتم التعديل بناءً على ملاحظات نتجت عن تجارب من أجل تلافي الخطأ حين يتم التعميم.
وهذا ما سقط منا ربما سهوًا وتسرعًا.
*****
نطالب وبشدة .. وظفوا أصحاب الخبرة، وعلموا من هم في مواجهة الجمهور أن من يسأل يبحث عن إجابة، وحل لأمر استعصى عليه وضعوا بين أيدي هؤلاء صلاحيات البحث واستيفاء المطلوب. (يَسَّروا ولا تَعْسَّروا)
***
سعينا حثيث لنبقى ونرتقي وننافس، فلم التعقيد ولم التقييد؟
اسمحوا لي هنا أن أطرح أمثلة، وأرجو أن تؤخذ بعين الاعتبار فهي لا تُمثلني، ولكنها تمس الكثير من أصحاب الأعمال (مؤسسات – شركات متوسطة، وربما حتى الشركات الكبرى).
– فرض نظام “ناقل” من قبل وزارة النقل مع عدم ربطه بالمرور، وبالتالي تحديد عدد مركبات النقل على الحساب الخاص (مشكلة).
– فرض مكتب العمل لعدة قرارات فيما يخص العمالة وتخصصاتهم وتغيير مهنهم بدون شرح وتفسير ومعادلة. (مشكلة)
– بداية كانت الخبرة، وفجأة أصبح تصنيف (مشكلة).
– الموارد البشرية: عدم توفر البديل فيما يخص المهنيين وأصحاب الحرف (مشكلة). إذ لا يوجد بديل للوافدين حاليًا.
هذه مجرد أمثلة وغيرها كثير، مما لا تتسع له مساحة مقالة واحدة.
هناك شركات ومؤسسات تسعى لتطوير مصادر الدخل (التجاري- الصناعي وخلاف ذلك)،
ودورها ليس أن تتحول إلى أكاديميات تعليمية تبني أسسًا مايحتاجه سوق العمل ..
لا مانع عند أكثرها في توفير الخبرة لأصحاب المهارات؛ لتصقل معرفتهم عمليًا؛ وليبحروا بمهارات أخرى.
إن وجدوا فلا مانع ..
وإلى ذلك الوقت خففوا عن كواهلها عناء التخبط.
***
ختامًا أتساءل: لماذا يتم فرض وتطبيق الأنظمة دون سابق دراسة، ودون أي ترابط بين الإدارات المختلفة المعنية بها، ودون مرونة كافية للتنفيذ؟
واقع الأعمال وروادها وكياناتها بمختلف أحجامها ونشاطاتها يتبلور حول سعيهم للبقاء سالمين، وتحت راية كل مشروع ولا مصلحة لهم في اعتراض أو مخالفة الأنظمة. إلا أن المفاجآت والقرارات تتزايد وتتغير وتكاد لا تنتهي، فما أن يصدر قرار إلا ويعمم وما أن يعمم إلا ويطبق وما أن يطبق إلا ويقع له ضحايا. ضحايا (سوء الفهم – انعدام الخبرة – الخوف من ما هو مستحدث – والكثير الكثير من المفارقات).
*********
أيتها الجهات الرسمية بمختلف تخصصاتها، أناشدكم الرأفة والمرونة، والحفاظ على كيانات لها حالمون بواقع معزز وجميل وفاعل.
ندائي للتجارة – الصناعة – البلديات – الوزارات- مكاتب العمل – التأمينات – وكل جهة تشريعية ولها علاقة برواد الأعمال. هم ليسوا ضد أي تقنين .. وهم يسعون لقالب منظم يكفل الجوده وحسن الأداء؛ ليكفل الربحية والرضا فترفقوا بهم وتعاونوا معهم.
***
القطاع الخاص والعام، والجهات التشريعية والتنفيذية، والشركات والمؤسسات المتخصصة في كل قطاع، تكمل بعضها بعضًا. ولا مجال للتفرد إلا لكل متميز.
فعلى سبيل المثال:
كيف لمصنع مياه أن يكمل خط إنتاجه دون (معدات – عمالة – تغليف – نقل- تخزين – وما إلى ذلك ..إلخ)؛ ليصل إلى كل مستهلك؛ وليكفل الاستمرار والنجاح.
كيف في ظل وجود تعقيدات تتهافت على كل صاحب عمل بسرعة لا تُقارن .!
وهل تحولت القنوات الرسمية فجأة عن واجبها التنظيمي والتوجيهي الداعم للقطاع الخاص إلى مهمة تعقيد بيئة العمل، والتفرغ للجباية بالتحصيل والغرامات؟
***
الكل يد واحدة … مسعانا واحد وهدفنا واحد. نعمل لنرتقى ونساند. ولكن رواد الأعمال لن ينجحوا دون دعم القطاع العام وتعاونه ومشاركته.
——————-
@ReemFaleh8
في الصميم اشكرك استاذه ريم
مقال أكثر من رائع ولا يوجد مجال لأي إضافات ، أبدعت أستاذة ريم ، بارك الله فيك .
مقاله رائعه ولفته جميله
بتوفيق لك يا استاذه ريم
احستني
واضح من المقالة جانب المعاناة الحقيقة لما يشعر به التاجر واصحاب رؤوس الاموال وخاصة المبتدئين منهم. وياحبذا لو يتم ارسال المقال للجهات ذات العلاقة لاعادة ترتيب الاوراق والاستفادة مما طرح من افكار