المقالات

التستر التجاري – القاتل الصامت

حدثني صديقي الذي يعمل في مجال المقاولات منذ عدة سنوات أن التستر التجاري في قطاع المقاولات يصل إلى نسبة 70٪، وعند تقاعدي المبكر من العمل الحكومي واتجاهي للعمل الخاص وجدت أن النسبة قد تصل إلى أكثر من ذلك بل إن بعض القطاعات والأنشطة التجارية والصناعية محتكرة تمامًا من بعض الجنسيات، ولم ينجح أي سعودي في اختراقها وممارسة حقه الطبيعي العمل والتكسُّب، كما أن جهود الدولة -رعاها الله- لم تنجح في سعودة بعض القطاعات بسبب سيطرة الأجانب على مفاصل هذه القطاعات.

ماهو التستر؟
التستر في اللغة العربية هو الإخفاء والتغطية، وأصله من الستر، وتقول: سترت الشيء سترًا.
التستر اصطلاحًا هو التستر على الجاني أي منع الجاني من أن يؤخذ منه الحق الذي وجب عليه.

أما التستر التجاري فهو:
تمكين غير السعودي من العمل لحسابه الخاص بواسطة السعودي أو المستثمر الأجنبي سواء كان ذلك عن طريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري أو أي طريقة أخرى.
وتعدُّ جريمة التستر التجاري مُحرمة شرعًا ونظامًا حسب فتوى هيئة كبار العلماء بشأن أخذ الشريك ربحًا مقابل شراكة باسمه فقط تتضمن بطلان القيام بمثل هذه الممارسات (الدورة التاسعة عشرة المنعقدة في الرياض تاريخ (1402/5/11).
أما نظامًا؛ فقد أصدرت الدولة -رعاها الله- عام 1409 هجري نظام مكافحة التستر ثم جرى إصدار نظام آخر في تاريخ 1425/5/4 هجري.
البرنامج الوطني لمكافحة التستر هو برنامج أطلقته وزارة التجارة في السعودية ضمن برنامج التحول الوطني 2020 للقضاء على التستر التجاري، والحد من انتشار الغش التجاري، وتشارك فيه عشر جهات حكومية مع الوزارة في تطبيقه، وأبرزها وزارة الداخلية ووزارة الموارد البشرية.
جرائم مصاحبة أو تعمل تحت مظلة التستر التجاري:
1- غسيل الأموال.
2- فساد مالي ورشاوي.
3- غش تجاري وتلاعب خطير في المواصفات.
4- محاربة وتعطيل برامج السعودة.
5- تحويلات مالية مشبوهة إلى جهات خارجية.
6- بيع وشراء التأشيرات.

أنواع التستر التجاري:
1- النوع البسيط: مواطن أو مواطنة يكفل عاملًا، ويفتح له محلًا بسيطًا مثل: بقالة أو ورشة أو مطعم صغير، ويقبض نهاية الشهر مبلغًا بسيطًا جدًا يزيد مع عدد الفروع، ويترك للعامل إدارته والتصرف فيه ويفاجأ أحيانًا بأن العامل ترك المحل أو سافر بدون عودة، وتحمَّل المواطن تكاليف إيجارات المحلات وديون للشركات، ورسوم حكومية لم تُدفع.
2- النوع الثاني وهو المُعقد: مجموعة من الوافدين يديرون شركات أو مصانع أو أسواق تجارية كُبرى بطريقة احترافية عبر نظام الشبكات، وقد تتجاوز أعدادهم عشرات الأشخاص، وبعضهم يعمل من خارج المملكة، وحجم العمل والأرباح كبير جدًا، وعادةً ما يكونون من جنسية واحدة أو بينهم صلة قرابة، ويكون المواطن هو الواجهة والممثل الرسمي لهم في تسهيل الأعمال عند الجهات الحكومية.
ماهو الجديد؟
الجديد هو نظام التستر التجاري الجديد، وهو أحد أبرز الجهود الحكومية الفعَّالة؛ للقضاء على التستر التجاري، وستكون عقوبة التستر التجاري المالية 5 ملايين ريال؛ بالإضافة إلى السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات أو بهما معًا.
وقد تمَّ تمديد العمل بلائحة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر التجاري لمدة 6 أشهر إضافية من تاريخ 23 أغسطس 2021 حتى تاريخ 16 فبراير 2022.
وسيكون العمل الرقابي بعد انتهاء الفترة التصحيحية صارمًا، ويستخدم أساليب جديدة تعتمد على الذكاء الصناعي في تحليل بيانات المنشآت المخالفة وظبطها، وإيقاع العقوبات المشددة عليها من السجن لمدة 5 سنوات، وغرامة مالية مقدارها 5 ملايين ريال أو بهما معًا.
والله الموفق
———————
مهندس استشاري
عضو الهيئة السعودية للمهندسين

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button