هناك عند وادٍ غير ذي زرع في بيت الله المحرم الذي زاده الله تشريفًا وتعظيمًا ومهابة، ثمة صوت ندي كأن البيت العتيق أعطاه شيئًا من مهابته..فزاد الله صوته تشريفًا وتعظيمًا في النفوس..وكيف لا وهو يتلو كتاب الله عند بيت الله..وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء !
سعود الشريم ..ما أن تُنطق حروف اسمه حتى يستحضر في ذهنك الكعبة المشرفة بيت الله الحرام وقبلة المسلمين..كم هو محظوظ من جعله الله قرينًا لرموزه الدينية.. فالله أعلم حيث يجعل رسالته، وأين ينشر فضله وبركته.
صوت سعود الشريم كم عانق الكعبة المشرفة وأروقة البيت العتيق؛ فينطلق ذلك الصوت مع النسمات عذوبة وملاحة قل نظيرها .. فكأنما ينسل ذلك صوت ويدخل للقلوب قبل الأذن .. لأنه خرج من القلب فاستقر بالقلب .. فالإحساس الصادق لا مكان له إلا بالقلب .. لأن هنالك من يقرأ القرآن بوجدانه وبفيض إحساسه .. فتنعكس رهافة حسه على روح كل مستمع فتُلامس شغاف قلبه.
سعود الشريم .. ذلك الصوت المُبجل الرخيم القوي المُرهف، لا تملك وأنت تستمع له إلا أن تسلم له كل حواسك .. فيأخذك في رحلة سماوية نقية .. فكأنك تشاهد مع الآيات التي يتلوها كيف تُفتح أبواب الجنة .. وكيف الوفود تدخلها زمرًا بعد عناء وصبر الحياة فتشعر بالأمان والسلام لتلك النهايات البيضاء السعيدة.
وفي مشهد آخر فكأنك تعيش مع آيات أخرى يتلوها فتشاهد في ذهنك لوعة أم ألقت بفلذة كبد لها في اليم وكيف أعاده الله لها لأنه وعد بـ (إنا رادوه إليك) .. فتشعر بالأمل بأن ما تظنه النهاية قد لا يكون النهاية؛ لأن الله قد يُحدث عند نقطة اليأس أمرًا وفتحًا من عنده !
نعم فأنت تعيش مع تلاوة سعود الشريم؛ فكأنك تشاهد الأحداث أمامك؛ وكأن القرآن يفسر لك معانيه دون عناء..لأن الإحساس الصادق ينقل لك المشهد بالكامل؛ لأنه تفاعلت روحه معه أولًا فنقل لنا صدى تفاعله مع الآيات، وبدوره تفاعل المستمع معها !
سعود الشريم .. ذلك الصوت الرمضاني المميز المحمَّل بالهيبة والجمال، والتأثير والسطوة القوية على النفوس .. صوت يصعب وصفه؛ فيه من القوة ما يزلزلُ أعماقك، وفيه من الرقة ما يتخلل روحك، ويتسلل إلى فؤادك.
هو باختصار :
مزمار من مزامير آل داوود وكفى !
طرح جميل
مثل المحاولات في مداولات المفردة للوصول إلى المعاني الأصيلة بجرسها الموسيقى التي غالبا مايكون لها صدي وأثر في النفوس، بل إنها تتعدى إلى مايبعث حالة من الانس والسرور
وإنشراح النفس لأن الكلمات نابعة من عمقها الأصيل ومن منبعها الفريد ومن ظلالها الوارف
انتي مبدعة يامها