تُشير الإحصاءات إلى أن في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مائة عرق، جاءوا من جميع زوايا الأرض؛ يعكس ذلك عنوان كتاب جان إف كندي (أمة من المهاجرين)، وأمريكا لا تستقطب ولا تعطي الجنسية إلا للمتميزين، وغالبًا ما يكونون جاهزين للعطاء والإسهام في تنمية البلد وتطويره، وغالبيتهم يحملون شهادات أقلها الجامعة، وكثيرون يحملون شهادات عليا، ماجستير ودكتوراة في التخصصات العلمية والهندسية والطبية وغيرها من التخصصات التي تفيد البلاد، وقد أجرى زملينا د.محمد عبدالعليم مرسي دراسة أثبت فيها أن مصر الفقيرة بمواردها والغنية برجالها ونسائها، كانت تقدم معونة غير مباشرة لأمريكا؛ حيث يولد الطفل، ويتم الصرف عليه إلى أن يتخرج من الجامعة وربما يحصل على شهادة عليا فيهاجر إلى أمريكا جاهزًا للعطاء، وهي لم تصرف على إعداده وتهيئته شيئًا، ومثل ذلك يُقال عن الأطباء في بريطانيا حيث تنتمي نسبة كبيرة منهم إلى شبه القارة الهندية، وخاصة باكستان، يأتون إلى بريطانيا جاهزين للعمل دون أن تتعب أو تصرف على إعدادهم شيئًا.
وفي عام ١٩٨٤م زارنا في أمريكا معالي الدكتور محمد سعيد القحطاني مدير جامعة الملك فيصل في الشرقية مندوبًا من الملك فهد رحمه الله للقاء المبتعثين والاستماع إلى مقترحاتهم وآرائهم، أرسلت لنا التذاكر والدعوات من الملحقية السعودية، وكان الاجتماع في فندق في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وفي اللقاء وقفت وحييت الملك على لفتته الكريمة، وحييت مندوبه الذي جاء للاجتماع بنا، وقدمت اقتراحًا لاستقطاب الكفاءات المتميزة التي تهاجر من البلدان الإسلامية، وكثير منهم يتمنى أن يعيش بزوجته وأطفاله في بلاد الحرمين، لينشأ أبناؤه في وسط إسلامي آمن ومستقر، وليكون قريبًا من الحرمين الشريفين، ولا مانع لدى الكثيرين منهم أن يعمل براتب أقل مما يمكن الحصول عليه في الغرب، كان جواب الدكتور القحطاني إيجابيًا، وأثنى على المقترح، ووعد بنقله إلى الملك فهد رحمه الله، واليوم نشاهد الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- يأمر بمنح الجنسية السعودية لعشرة من المتميزين، ولا شك عندي أن لدى الجهات الرسمية معايير راقية ودقيقة لمنح الجنسية السعودية لمن يعيش على أرضها، وهؤلاء سيكون لهم، ولا شك، دور ملحوظ في التنمية والنهوض بالبلد وخدمته بما يليق بمكانته وسمعته ومركزيته في العالم الإسلامي، ومكانته في المجموعة الدولية.
نسأل الله أن يديم على هذا البلد أمنه واستقراره ورخاءه، وأن يوفق قادته وجميع العاملين فيه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يكفينا شر الأشرار، وشر طوارق الليل والنهار، والله من وراء كل شيء.