المقالات

الحرب الإلكترونية على أبنائنا

مطالبةٌ عاجلة وبلا مقدمات..
نحتاج عيونًا ساهرة؛ لتحرس أبناءنا وبناتنا من كل ما هو دخيل، ومن كل ما يتلاعب بقيمهم، وبأسس أخلاقياتهم .
لا أنكر أننا نتقدم سريعًا، ولا أزعم أننا قادرون على الاستغناء عن ما وصلنا له، ولكني أصر وبشدة على أن الأخلاق لا يغيرها التطور بل ربما كانت الأخلاق هي أحد وأهم مسببات هذا التغيير (فالعلم لم يتجاهل المكفوفين أو من لهم احتياجات خاصة أو من يصعب عليهم أو يجهدهم التعامل مع التكنولوجيا)، بل على العكس من منطق الرفق بكل الفئات نبع الاستحداث، وتيسرت سبل الاستخدام. حتى إن للرفاهية والألعاب نصيب الأسد من كل شيء، كبارًا وصغارًا ينخرطون في عالم الألعاب الإلكترونية .. ووقفتي تبدأ من هنا:
المحرمات ترتبط بكل عقيدة، والتقنين كذلك على حدٍ سواء..وماذا عن المكتسبات؟
ماذا عن الانعزال؟
*
علينا مناقشة الإدمان على هذه الألعاب، وتأثيرها على العقول والمبادئ والأخلاق.. حتى أصبح أبناؤنا لا يفرقون بين الواقع، وعالمهم الافتراضي ..
تزرع فيهم بعض هذه الألعاب (حب العنف – الدموية – الإرهاب – التحدي المستفز- سوء الأخلاق- ضعف الشخصية – التخفي خلف الرموز- فقدان الهوية- الانسياق التام – انعدام التركيز .. علاوة على غلق المدارك وانحسار التفكير- العزلة – الانطواء..والكثير من السلبيات التي قد لا تحمد عقباها)
أصبح الناس بمختلف أجيالهم وأعمارهم ومجتمعاتهم خليط في عالم افتراضي، لقاؤهم من خلال شبكة الإنترنت ليدور بينهم نقاش..ثم تعمق ثم صداقة أو ربما عداوة بدون سابق إنذار بدون سابق أحداث، وبدون أسباب يقبلها العقل والمنطق سوى تحدٍ وليدٍ للحظة على أي لعبة، ليتحول العالم الافتراضي لغزوٍ للعقول وجهاز تحكم يجند من هم خلف هذه القنوات؛ لينفذوا على أرض الواقع ما احترفوا ممارسته خلف الشاشات.

أصبحت الألعاب وخلافها من البرامج التي لا رقابة عليها توجه مستخدميها للعنف والابتزاز، والسرقة وسوء الأخلاق؛ ليكون طليقًا على أرض الواقع..ويروج للدموية وأن هذه الأفعال شجاعة لا محالة، وفرض وجود وقوة تكتسب بالفعل.

*
حادثة غريبة استوقفتني، وجعلتني أتألم وأحزن وأقلق …
أصدقاء يتبادلون الأدوار في أحد الألعاب ليفوز أحدهم على الآخر، وهنا يأتي الأخ الاكبر لأحدهم ليتناول موقع أخيه، وينهال بأفظع الشتائم والألفاظ على الطرف الآخر، الذي بدوره ولحسن تربيته تجاهل وانسحب.. لكن الانسحاب لم يكن بالأمر الحاسم بل تسبب في أحقاد ملأت قلب الأخ الأكبر مما جعله يخطط للانتقام من زميل أخيه. فتربص له بعد خروجه من ساحة المدرسة، وقام بإرغامه على ركوب السيارة، وأحكم إقفال الأبواب وبدأ بالتهديد والوعيد والتلفظ والصراخ، هلع لا يقدر عليه صبيٌ لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر إلا أن لطف الله تعالى ألهمه محاولة فتح الباب، ونجح ليقفز للطريق غير مبالٍ بما قد يصيبه، وظل يركض بين المنازل السيارات والآخر يلاحقه ويرميه بما تطاله يده ..
*
فكروا قليلًا وأمعنوا في هذا السلوك العدواني، هل هو سوء تربية؟ هل هناك ما يدعو لمثل هذا الكيد؟
وهل من مبرر لمثل هذه الأفعال؟!
تركناهم في المنازل؛ لنحميهم من خطرٍ قد يلحقهم بالخارج، وطالتهم الأفكار الهدامة بداخل غرفهم ..
من أجل هذا أكرر ندائي..قليلًا من التقنين لمنع تداول ما يعبث فيما نزرعه من أخلاق؛ فنحن مازلنا وسنظل موحدين وقدوتنا ممن بعثة الله تعالى (ليتمم مكارم الأخلاق)؛ لنوفر شيئًا من الأمان بوضع كاميرات مراقبة في كل ما يحيط بنا من بنايات، ومساكن وأعمال ومدارس لنكفل أمانًا لأبنائنا، ونحن غائبون عنهم.
قليلًا من المساندة للأب المنتدب، والأم العاملة، ليحيى أبناؤهم بأمان، وقليلًا من التوجيه بأن من أساء سيعاقب ولو بعد حين .
نحن دولة لا يُستهان بها، ولن نسمح أن يستهان بمن سيكونون ركيزتها في مستقبلها، واستدامتها.

Related Articles

3 Comments

  1. اعجبني تحليلك البسيط الواضح لمشكلة كبيرة وتكبر فتصبح ككرة الثلج ونحن في سبات. لا استطيع الا ان اقول انك ابدعت في الطرح واحسنت في الطلب. بالتوفيق

  2. مقال رائع جدآ ، في اعتقادي ولي الأمر سواء الأب او الأم لابد أن يكون هناك حزم على الأبناء بالنسبة للألعاب الالكترونيه او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي اما بفتح لهم المجال لوقت محدد وايضا متابعتهم بين الحين والآخر .. اما بالنسبة للحادثة فهو شي استثنائي ناتج عن سوء اخلاق وتربية ..
    ولا نقول إلا الى الله المشتكى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button