يردد العامة مقولة: (فلان يحول التراب لذهب)؛ كناية عن ذكاء وقدرة هذا (الفلان) على اكتشاف واستثمار الفرص وتنمية الثروات، وكما يوجد (فلان) الذي يعمل ويجتهد (معتمدًا على توفيق الله)، هناك (علان) الذي يجمع ثروته بالحيلة والاستغلال!
عاصر كثير منا (علان) الذي استطاع ومن خلال (ماكينة خياطة) أن يجمع ثروة! ليس بالعمل عليها ليلًا ونهارًا، بل بالخداع! لن تصدق ذلك، لكنها حقيقة عشناها في السعودية!
قبل سنوات، انتشرت قصة أقرب للخيال منها للواقع، سرب (علان) أن (ماكينة سنجر) للخياطة يوجد فيها مادة (الزئبق الأحمر)! تحوَّل الناس فجأة إلى خبراء في التقنيات العسكرية!، يتحدث (أبو زيد) عن أهمية (الزئبق الأحمر) في (الانشطار النووي)، ويضيف (أبو عبيد) عن استخداماته في صناعة (القنابل الاندماجية)! أما من كان منهم (شيخ) فقد أكد (لمريديه) أن من يملك (الزئبق الأحمر) سوف يتمكن من السيطرة على (نفر) من جن (سليمان عليه السلام)!
هذه المعلومات (الدقيقة) التي نشرها (علان) بين البسطاء جعلته مليونيرًا؛ حيث وصل سعر ماكينة (سنجر) بفضل (الزئبق الأحمر) إلى نصف مليون ريال!
وحيث إننا في زمن (رؤية 2030)، هناك نسخة جديدة من (علان)، ذلك الذي يتابع حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على تنفيذ عمليات (التحول الرقمي) في كثير من قطاعات الدولة والكيانات (العامة والخاصة) المرتبطة بها، ويُراقب بصمت تسابق الكيانات على شراء أنظمة تقنية المعلومات بملايين الريالات على سبيل المثال لا الحصر:
CRM – ERP – SCM- KM – EIA
(علان) لا يستطيع أن يعبث بالنظام وبرمجته، لكنه قادر على (التلاعب) وتغيير تصميم إجراءات العمل (Business Processes) وكيفية تبادل البيانات بين الإدارات والقطاعات، إهمال إجراء واحد فقط أو تكراره أو عدم وضوحه، سوف يجعل النظام بلا قيمة، وسوف يؤدي إلى فشل التطوير، وبعد فترة وجيزة يكتشف الموظفون أن النظام يعقد أعمالهم ولا يلبي متطلباتهم، ويشعر العملاء بأن النظام هو أكثر بيروقراطية من أيام (الملف الأخضر)؛ عندئذ يأتي دور (علان) الذي يوصي الإدارة العليا بأن العلاج هو في استبدال النظام (المعقد) الذي تمَّ شراؤه مؤخرًا وشراء نظام جديد (وضاعت ملايينك يا صابر)!
وهناك (علان) الذي لديه مصادره (الداخلية) التي تزوده بما خفي من الأمور، وهذا يبدع في (اختيار المواسم)؛ ليضرب ضربته في احتكار بضاعته ورفع سعرها أو التخلص من الكميات المتراكمة في مستودعاته، مثل الذي يعرف (قبل غيره) عن قُرب وصول شحنات أجنبية من فاكهة وغيرها، فيروج أن المستوردة مسمومة (أو بها ديدان أو …) حتى يبيع إنتاجه المحلي كاملًا وبالسعر الذي يريده! أو (علان) الذي يسرب خبرًا عن تشفير مادة إعلامية (حفلة غنائية – مسرحية – لقاء مع شخصية …)؛ فيتسابق الملايين لشراء البطاقات أو الأجهزة الخاصة بالتشفير أو الاشتراك في القنوات والمنصات الخاصة، وبعد أن تخلو المخازن من كراتين الفاكهة يتضح بعد ذلك أن البضاعة المستوردة لم تكن مسمومة، وبعد التخلص من أجهزة التشفير (القديمة)، يتضح للمهتمين بالحفلة بأنهم صاروا هم الحفلة والمسرحية، وبأنه (وكما ينطقها أحبابنا المصريون: ما في تشفير)!
خاتمة:-
حينما يسود الجهل أو تنعدم الشفافية، وتصير المحسوبية هي الأساس يصبح (السنجريون) أحسن ناس!