عبدالله غريب

ارحموا كبار السنّ !

قال تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير .وقال في آية أخرى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما …الآية ويقول الرسول الكريم في حديث لابن عباس رضي الله عنهما : ” البركة مع أكابركم ” أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولم يحدد بل اللفظ على الإطلاق ومنهم كبار السن ولو لم يكونوا علماء وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم : ” ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق : ذو شيبة في الإسلام وذو العلم وإمام مقسط ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ من إجلال الله : إكرامَ ذي الشَّيبة ، فارحموا كبير سنٍّ ذلّ !!
من هنا ومما سبق فقد تجتمع جميعها في شخص واحد تقدم به العمر وسمح له النظام وعائداته بأن يترجل ويسلم الراية لغيره من الشباب أو من زملائه الذين مازالت الفرصة مواتية لديهم لمواصلة العمل .

قيادتنا الراشدة وحكومتنا الرشيدة في المملكة العربية السعودية تقدم جهودا كبيرة ومتنوعة لخدمة هذه الفئة من المجتمع الذين يشكلون نسبة كبيرة سواء ممن تقاعد من العمل بحكم بلوغ السن النظامي أو من هم في البيوت لهم حقوق بعد أن أدوا واجباتهم وهم على رأس العمل في مختلف القطاعات العسكرية والمدينة ولهم فضل بعد الله في المشاركة في بناء الوطن وتنميته من واقع أعمالهم في مختلف الجهات ذات العلاقة بخدمة الوطن والمواطن ويكفي أن ندلل على ذلك بزيارات ملوكنا السابقين وملكنا الغالي سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده المين لكبار السن من الرجال الذين وضعوا بصمات من ذهب في جدار التنمية وهم قدوتنا ويجب أن نتأسى بهم في كل ما من شأنه احترام كبار السن وأن نقدم لهم ما بوسعنا لإدخال السرور والبهجة إلى نفوسهم وهذا ما تعمل عليه كثير من مؤسساتنا وتتنافس على تقديم خدمات خاصة لهم تعبر عن احترامهم ومكانتهم ردّا لجميل ما صنعوا .

حكومة خادم الحرمين الشريفين تعطي كبار السن اهتماما بالغا من خلال الكثير من المبادرات لرعايتهم وتحسين ظروفهم ليعيشوا حياة كريمة سواء في منازلهم أو في دور رعايتهم لأي سبب والكثير من كبار السن الذين تقاعدوا انخرطوا في كثير من منظمات المجتمع المدني واستفاد المجتمع من خبراتهم في الأعمال التطوعية مثلا ولأنهم مقدرون عالميا فالعالم كله يحتفل بهم في يوم عالمي كل عام تحت عنوان ” اليوم العالمي لكبار السن أو المسنين اعترافا بدورهم ومكانتهم وتمكن الكثير منهم في مجالات الحياة وخاصة ما قد يكون له علاقة بأعمالهم وهواياتهم وإبداعاتهم .

قد تكون نسبتهم في المجتمع قرابة 5% من السكان ولهم حقوق تقوم الدولة مشكورة بتنفيذها من خلال الضمان الاجتماعي أو الخدمات الصحية في حالة المرض والعجز والشيخوخة وتشجع المواطنين والموسرين على المساهمة في الأعمال الخيرية لمن يستحق وفق الشروط وبهذا يصبح التكافل شراكة بين المؤسسات الحكومية والأهلية كل منهما مكملا للآخر إذ من أبسط حقوقهم الحصول على كل ما يجعلهم يعيشون في أمن غذائي وصحي وأسري واجتماعي ولهم الحق في التعليم والتدريب والعمل أيضا في المؤسسات الأهلية مقابل أجر لا يؤثر حصولهم عليه على عائدات التقاعد المادية التي يتقاضونها وفق نظام تنفذه مؤسسة حكومية تعنى بكل حقوقهم المادية بل وتدفع بها إلى حساباتهم قبل الموظفين الذين على رأس العمل .

في المملكة العربية السعودية برامج لوجستية خاصة بالمتقاعدين من كبار السن في جميع الجهات الحكومية تصل إلى درجة الانتقال لمنزل كبير السن الذي لا يستطيع الوصول لأي جهة حكومية يتطلب حضوره إليها ومنها الأحوال المدنية والعدل وبرامج الرعاية الصحية المنزلية والتثقيف الصحي وهناك جمعية نشأت في عام 1437هـ لمساندة كبار السن تحت مسمى ” وقار ” كما يوجد جمعيات في مناطق المملكة تقوم بأعمال لا تحصى لخدمة من يحتاج لخدماتها تساهم في الدولة والموسرين من باب المشاركة المجتمعية وتعطيهم أولوية في التسجيل في البرامج في المدن والقرى والأحياء في أنشطة كثيرة وتقدم لهم أولوية في برامج الدعم السكني وفق الشروط الميسرة تطبيقا لمبادئ الدين في خصوصية قل أن تجدها في أي بلد من بلدان العالم ومازالت الدولة تضيف الكثير من الخدمات لكبار السن وتقدر جهودهم وتثمن وجودهم في المجتمع ومساهماتهم .

هذا غيض من فيض ما يقدم لكبار السن متقاعدين وعاملين وغير عاملين إيمانا من الدولة بأنهم يشكلون لبنات ساهمت في مداميك النهضة التي نعيشها من خلال ما قدموا في مجالات تخصصاتهم ووظائفهم ويعتبرون من يأتي بعدهم خير خلف لخير سلف ولا تستكثر الدولة أي شيء تقدمه لهذه الفئة كما لغيرها من المجتمع وتحث على احترامهم والوفاء بحقوقهم فهل بعد هذا الإيجاز من يقف ويقول لا لكبار السن ؟ أو يتمنى لهم الموت البطيء أو يزاحمهم في حقوقهم المستحقة أو من يتهكم ويسخر من مكانتهم باعتبارهم مكون اجتماعي لا يخلو بلد منه ولا تحلو الحياة بدونهم سواء كان بالكتابة الساخرة السوداء أو التنكيت أو التقليل من شأنهم أو الالتفاف بالنصوص على ما يجب منا تجاههم بعد خدماتهم الجليلة التي تبدأ بالتربية وتنتهي بما يجب أن تكون العلاقة معهم التي تؤكدها التعاليم الشرعية والنظامية حيث تحثنا على الالتزام والتطبيق ! ؟

انعطاف قلم :

شكرا لجمعية إكرام المسنين بالباحة الخيرية التي تلقى رعاية من سمو الأمير حسام بن سعود ومتابعة من رئيس الجمعية المحسن الدكتور سعيد بن سعد بن مرطان والشكر موصول للمدير التنفيذي الأستاذ عبد الرحمن أبو رياح وسيكون لنا عودة في مقال قادم حول خدمات هذه الجمعية الرائدة على مستوى المملكة بإذن الله .

عبدالله أحمد غريب

نائب رئيس نادي الباحة الأدبي السابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى