في كل مناسبة وطنية تمرُّ علينا، ونحن في فورة مشاعر الفخر والرضى، والحمد لرب العزة والجلال بما أنعمه علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، نتوقف هنيهنة ونسأل أنفسنا: لماذا نشعر أننا كوطن وشعب وقيادة أصبحنا مختلفين ومتميزين عن غيرنا من البلدان؟.. بالطبع ليس هو شعور بالتعالي ولا هي محاولة للتقليل من شأن (الآخر)، وإنما هو شعور بالتفرد والاعتزاز بما حققناه من إنجازات ونجاحات فاقت التوقعات عبر مسيرة لم تخلُ من العقبات والصعوبات والتحديات، لكنها بفضل الله وتوفيقه، تخطت الحواجز والعراقيل، بالإرادة والمثابرة والعزيمة والإصرار، وهي الصفات التي تحلت بها قيادتنا الرشيدة والتي تجسدت عبر رؤية القائد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – يرحمه الله – التي انطلقت عام 1902م وتبلورت عام 1932م، لتعطي ثمارها خيرًا وبركة وأمنًا وأمانًا ورخاءً واستقرارًا، ثم امتدت إلى آفاق جديدة عبر رؤية 2030م التي أطلقت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن عبد العزيز – حفظهما الله- لتكون امتدادًا للرؤية الأولى في التطلع نحو تحقيق حلمنا الأكبر في أن يتبوأ وطن الحرمين الشريفين المكان والمكانة والدور والريادة التي يستحقها تحت الشمس كإحدى دول العالم المتقدمة، ولتستمر المسيرة السعودية المباركة في طريقها نحو العلياء والمجد.
اليوم ونحن نحتفل بذكرى البيعة العزيزة على كل مواطن سعودي مخلص لعقيدته، محب لقيادته، وعاشق لتراب وطنه، ونحتفل بثبات أركان الكيان ورسوخ قاعدته الفولاذية عبر أكثر من مائة عام، نتوقف هنيهنة ونسأل أنفسنا: لماذا البيعة التي أضفت على مشروع الملك عبد العزيز للتوحيد والبناء والنماء بُعدًا استثنائيًا ؟.. وما أهمية البيعة كجزء من التراث والتشريع الإسلامي ما فرطنا به يومًا على مدى مئة وعشرين عامًا من الاستمرارية والثبات؟ وإلى أي مدى ساهمت البيعة في ترسيخ النظام السعودي الوطني – المعزز بسيف الحق ونخلة العطاء، القائم على القرآن والسنة – والحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز العلاقة الوثيقة التي تربط القيادة بالمواطن من جهة والمواطن بالوطن من الجهة الأخرى ضمن رباط وثيق لا سبيل لانفصامه؛ لأنه قائم على أسس راسخة من الإيمان والمحبة والولاء من قبل شعب مخلص لوطنه ومحب لقيادته؟
كان القائد الموحد والباني العظيم الملك عبد العزيز يدرك أهمية البيعة كأساس متين لأركان الدولة باعتبارها العقد الشرعي الصحيح بين الحاكم والمحكوم، وباعتبارها مصدر الشرعية للحكم، “ولأجل هذا أحياها، وأمضاها بحسبانها الميثاق والعهد بينه وبين شعبه”، وقد سار أبناء الملك الراحل على هذا التقليد الإسلامي الأصيل في مشروعية الحكم، والذي يعتبر من أهم عوامل الاستقرار الوطيد في بلادنا العزيزة، ولا يقتصر معنى البيعة على المفهوم الشرعي والعقدي، فهو يعكس أيضًا مشهدًا رائعًا للوحدة الوطنية المتراصة حول وثيقة جامعة تتوحد فيها أفئدة الشعب ومشاعر أبنائه في مبايعة المليك على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره.
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى السابعة للبيعة نفخر بما تحقق – وما يتحقق-من إنجازات تنموية ضخمة، خاصة فيما يتعلق برؤية 2030م، والذي أمكن لمسه بشكل خاص في مجال الإسكان، وحل مشكلة البطالة، وتمكين المرأة، وهو ما أشار إليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عبر حديثه للتليفزيون السعودي المسهب في 27/4/2021م حول أهم الإنجازات التي تحققت في الأعوام الخمسة من انطلاقة رؤية 2030م التي تعبر عن طموحات وآمال القيادة والشعب في بلادنا الغالية.
ولعل أبرز ما تحقق على صعيد الرؤية في ضوء حديث سموه، ارتفاع الإيرادات غير النفطية من 166 مليار إلى 350 مليار ريال، «والسجل التجاري مثلًا كان يستغرق أيام حتى يستخرج مرورًا بست جهات حكومية. الآن الحكومة الإلكترونية تستخرجه في نصف ساعة». كما أن الاستثمارات الأجنبية تضاعفت ثلاث مرات أو أكثر من خمسة مليارات ريال سنويًا إلى 17 مليار ريال سنويًا، والسوق السعودية كانت عالقة منذ الأزمة الأخيرة ما بين أربعة آلاف نقطة إلى سبعة آلاف نقطة، والآن تعدى العشرة آلاف “وهذا يدل على أن القطاع الخاص بدأ ينمو”.
وبالأمس القريب- كأحدث إنجازات هذا العهد الميمون- افتتح سموه أعمال قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، في العاصمة الرياض، بمشاركة دولية واسعة يتصدرها رؤساء وقادة دول وصناع القرار في العالم، والتي تهدف إلى رسم خريطة إقليمية لحفظ الحياة ورفع جودتها”، في بادرة تقدمها المملكة العربية السعودية “لصنع الفارق العالمي في حفظ الطبيعة والإنسان والحيوان ومواجهة تحديات التغير المناخي”، وذلك بالتزامن مع انعقاد مؤتمر جلاسجو للمناخ وبما يؤكد على سعي المملكة لتحقيق أهدافًا تتجاوز حدودها لتحقيق الأمن والسلام والرخاء ليس على النطاق الوطني فقط، وإنما على النطاق الإقليمي والدولي، وهو ما تؤكده مبادراتها لتحقيق السلام في المنطقة، ودورها في محاربة الإرهاب، وأيضًا مشاريعها التنموية الضخمة كنيوم الذي يتحقق الآن على أرض الواقع على أرضية مشتركة تضم السعودية ومصر والأردن.