ابتهجتُ للمشاركة بمؤتمر المؤرخين العرب بالقاهرة واللقاء بنخبة من المؤرخين والمفكرين، الذين يؤمنون بالتفكير الحرِّ المستقل، وفي أمسية شخصية، تم طرح سؤال كبير، إلى أين يسير المجتمع العربي بعد أحداث الثورات العربية المدمرة.
اتفق الجميع أن نُعيد الطرح لفهم واقعنا وأوضاعنا، لسنا بحاجة إلى أن نحدد مفاهيم ومسلمات وشعارات، بل علينا أن نزيل القدسية، عن كل المفاهيم، والأفكار التي تُعيق التقدم والتطور الحضاري.
فشواهد التاريخ، تُنبِئنا عن أسباب سقوط الأمم والدول المتمثل في الصراع الفكري بين فكر يتسمُّ بالعنف، والجمود، والتخلف، والأساطير، والخرافات، والانحراف، والتطرف المنتج فتنًا وقتلًا وتدميرًا، يؤدي إلى الانهيار ثم الزوال ، وفكرًا وسطيًّا، منهجه روح الإسلام، ونبض الإيمان، الداعي إلى إقامة ميزان العدل والتسامح والسلام، ونشر حرية الرأي والتنوير، وخلق الوعي الراقي، واستخدام العقل والمنطق.
إن إنقاذ ذاتنا الوطنية رهن برؤية تاريخية نقدية، لمحاسبة الذات، تقلع جذور الفساد بأنماطه المتعددة والمتنوعة.
واتفق الجمع أن الوحدة العربية الاقتصادية والأمن الاستراتيجي ممكنة ومحتمل تحقيقها إذا آمنا بتوفير جناحي الوعي والإرادة فالأحداث تؤكد سلامة قانون الوحدة القوي في عصر لا يعترف إلا بالقوة ولا مكان فيه للتكتلات الهشة المتقزمة والمتشرذمة كوضعنا الحالي.
فتاريخنا وتراثنا الحضاري يعدُّ باعثًا للروح الوطنية القومية، ومحركًا لطاقات المجتمع؛ ففي أعمال الأجداد العظماء دائمًا بمثابة أنموذج أسمى، ومثلًا يحتذي به شباب الوطن العربي.
فالتاريخ هو المصدر الأساسي للفقه الحضاري، والمختبر الحقيقي لصواب العقل البشري.
0