منتدى القصة

ليلة مشمسة..

سارت حياته بعجلات مربعة، كل مسافة يخطو فيها تعد قرارًا محوريًا، فروحه كسلة من البيض القابل للانكسار في كل مرة، وأحلامه التي يرنو إليها كانت كاشتهاء اللبن من عنزة يمكنها الطيران…
كان بطيء المبادرة، يتأخر عنها حتى غروب شمسها وذوبان شموعها، من ذلك تشكَّلت حياته من الخيبات، وبنيت أيامه بأحجار الندم المتراكمة..
كانت أحلامه كأنفاس الصباح، بيد أن واقعه كان كالسوس يتغذى على جذع ثباته فيتناقص ويذبل، حتى بات من الصعب عليه التماسك وسط هذا التباين والثقل، تفاقم الشك بالإيمان حتى تجردت الكلمات من معانيها، بات جوهره خاويًا كحديقة هجر جداولها الخرير، فصار بين الأحياء رقمًا وعند الأموات حيًا، حتى انتهى يومًا وفي قلبه تنازع يربك ارتجاف النبض، ولاحت في عينه فكرة ثابتة ألا جدوى من مواصلة السير، باتت نهاية قدرته على الشعور بكل شيء هي أجدر ما يمكنه التفكير به.
هنا.. وقعت بجوار قدمه قطرة من غيمة كانت تظله، فرفع رأسه ليتسلق بعينيه ناطحة سحاب زجاجية لفندق كان يمر بجواره، ثم عاد ليراقب القطرة التي بدت قادمة من رحلة طويلة مجهدة، لكنها انتهت لحسن الحظ..
مشى نحو المدخل بينما يحاول وقف أفكاره عن تنازعها بين ما ينوي عليه وما يمنعه، اختار غرفة مطلة على ذات الشارع الضيق، وارتمى فوق الأريكة ينسج خيوط نهايته، هناك حيث غفت عينه بتكاسل أيقظه منه صوت المطر مجددًا، فتح عينيه ليجد الليل يهدهده محاولًا ثني عزيمته، وصمتت كل الشوارع آسفة لنفاذ صبره، لكن طاقة احتماله لم يكفها ذلك، مشى نحو الشرفة ليضع بسقوطه قطرة ملونة تسللت من جبهته بين كل القطرات البيضاء المطرية، كانت رحلة سقوطه قصيرة كومض البرق، سرعان ما فقد الشعور بكل شيء حوله، ومرت الساعات آسفة عليه بينما كان يغط في إغماءته، حتى أيقظه ضياء الصباح ورفرفة الحمام فوق القالب الخرساني البارز بينه وبين وجهته كالمنطق الذي اعترض حالميته..

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button