من واقع ملموس مُشاهد، ومن خلف سطورٍ تتحدث، وحرف قناص بارع في ساحات الإحساس والرامي الماهر لسهام الصدق سيتحدث إليكم حرفي بصوت محبرته، وقبل ذلك فقلبي سينطق لكم بصوت إحساسه..
عندما يغيب الإحساس سوف تسقط الحروف أو أنها لن تصل والحياة تنبض بها ..
فمن يكتب عليه أن يكتب بإحساسه، وإلا فليتنازل عن مواطن الكتابة، وليعتزل الحرف والهمس ..
يُقال إن “لكل قاعدة شواذ”، وأنا لا أُخالف ذلك، ولكن أختار صياغة مناسبة توافق ما أرى، وترى عين إحساسي، ويتكلم بها قلمي ..
لا بد أن نؤمن إيمانًا لا يناقضه أي ناقض بأن حقيقة ذلك الواقع هي امتزاج ومزج ما بين عقول واعية وعقول فارغة جاهلة، وإن كانت تحمل تلك الأوراق بيد؛ فهي تحمل ما يدل على جهلها بعقل فارغ..
وإن كان هنالك من يمثل الشخص السوي في كف، وأحد وهنالك في الكف الأخرى من هو شاذ لا ينطبق قانونه على الجميع، ولا تُملى قواعده على كل شخص ..
ومن صوَّر ذلك الواقع الشاذ، ظهر لنا من هم تلبسوا ثيابًا، ليست لهم، وحرفوا عقولهم عن جادة الصواب، وأهلكوا أرواحهم في مطاردة فارغة في حلبة الشهرة بلا فائدة تُرجى، ولا فوز يستحق ..
لقد بلغ بنا الحال إلى طرق اليأس وانقطاع حبال الرجاء من مثل أولئك الذين كانت لهم “المجاهرة بالمعصية” باب من أبواب الضياع، ومسلك من مسالك الغواية..
أهي جرأة وقلة حياء أم وقاحة أم غياب عقل أم ضعف دين، بل ما يبدو لي أنها جميعها اجتمعت لتكون جيوشًا من الانحراف ..
بات الحياء لا مرآة له، وبات صدى التعدى على كل موازين الحقوق بدون حق يعلو، وبات كل ممنوع مرغوبًا علنًا واضحًا بلا أي حجاب..
هذا هو الواقع الشاذ بلا خصوصية، وبلا حقوق محفوظة، وبلا قواعد ممنوعة، وبلا “لا” منطوقة.
مخجل جدًا أن نرى ما لا نريد أن يكون فينا ولا بيننا ولكن ! هو الواقع الذي لا بد منه، ولكنه يظل لكل واقع شواذه..
لم ينتهِ ما في جُعبة حرفي، ولكن لابد من قفل الحروف، وإغلاق السطور، وكلي أمل بأن يتغير الحال، ويتحول المُحال، والمستحيل إلى ماهو ممكن، ويمكن تحقيقه.