المقالات

توليولا الإيطالية.. تمنح جائزتها.. للشاعر الزهراني

يقال إن الشاعر الحق يكتشف لغته الشعرية..وأن لغة الشاعر ليست مفردات وقواعد، ولكنها صور وإيقاع وصوت..ويقال أيضًا إن قواعد الشعر قديمة ومتوارثة، ولكن الشعر الحق دائمًا جديد…تذكرت هذه العبارات، وأنا أتلقى خبر فوز الشاعر الدكتور احمد قران الزهراني بجائزة توليولا الإيطالية السنوية عن ديوانه(تفاصيل الفراغ)؛ وذلك في دورتها ال 26 للعام 2021/2020 م ضمن مجموعة من الشعراء من مختلف العالم من بينهم خمسة شعراء عرب هم مناهل السهوي من سوريا، وأمل إسماعيل من فلسطين..وميسون الأرياني من اليمن، وعادل خزام من دولة الإمارات العربية المتحدة..والدكتور أحمد قران الزهراني من المملكة العربية السعودية..وجائزة (توليولا) كما هو معلن عنها مسابقة خاصة بالكتب الإيطالية شعرًا ورواية وقصة إضافة إلى الإنتاج الأدبي من خارجها، وهذه المرة الثانية التي يخصص فرع للغة العربية..وتحمل الجائزة اسم ابنة الفيلسوف والشاعر الروماني ماركوس توليوس شيشرون الذي ولد سنة 106ق.م، وهو خطيب روما القديمة المفوة وصاحب إنتاج ضخم يُعتبر مرجعًا للتعبير اللاتيني الكلاسيكي..وتشرف على الجائزة رابطة توليولا الثقافية بالتنسيق مع مجلس الشيوخ الإيطالي..وتضم لجانها نخبة من الأكاديميين والمترجمين البارزين الناطقين بلغات مختلفة..
ولا شك أن فوز الشاعر الدكتور أحمد قران الزهراني بهذه الجائزة هو تتويج لمسيرة عريضةوثرية في مجال الشعر والأدب والصحافة والإعلام، والعمل الأكاديمي باعتباره أستاذًا بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة..كما تُثير الكثير من النقاط عن حياته الشخصية التي عاشها والقضايا التي رسمها في شعره والعالم الذي يصنع حدوده.. وهو قد أشار إلى لمحات من هذه النقاط في أمسية أدبية استضافه فيها نادي أبها الأدبي، تحدث فيها عن تجربته الأدبية ومكابدته لحياة غير سهلة في قريته(أبي هريرة) بمنطقة الباحة بلاد زهران التي ولد بها عام ١٣٨٥هجرية، والتي تشتهر بأنها تضم كوكبة من شعراء الشعر بشقيه الشعبي والفصيح..وفي تلك الأمسية الجميلة قسم الدكتور الزهراني مراحل حياته إلى ثلاث مراحل (التوت- الترحال- الرغيف) ..فقد بدأ كما يقول بائعًا للتوت في قريته، ومارس العديد من المهن الصعبة..والتحق بالمعهد العلمي ..ثم شد رحاله إلى مدينة جدة حيث أكمل دراسته الثانوية، واستفاد من حياته بها كما استفاد من دخوله جامعة الملك عبدالعزيز التي منحته شهادة البكالوريوس في الإعلام كما نال منها شهادة الماجستير في الإعلام والتنمية الثقافية..وإلى جانب كونه شاعرًا فقد عشق الصحافة مبكرًا، وعمل بها محررًا ومديرًا لمكاتب العديد من الصحف السعودية بمدينة جدة، وقد منحه العمل الصحفي الكثير من الثقة بالنفس والمثابرة على العمل وعرفته الصحافة على قامات رفيعة في شتى المجالات وأصبح له حضور شعري وثقافي ..وقد تنقل للعمل في أماكن عديدة حيث عمل بإدارة المطبوعات بفرع وزارة الإعلام بجدة..ثم مديرًا عامًا للأندية الأدبية ثم التحق بسفارة خادم الحرمين الشريفين في مصر حيث أكمل دراسته العليا بجامعة القاهرة، ونال منها شهادة الدكتوراة في الإعلام السياسي عام 2013م ليعود إلى المملكة للعمل بكلية الإعلام..
وقد أثمرت مسيرته الشعرية التي بدأت منذ التسعينيات الميلادية عدة دواوين يحمل كل واحد منها في صفحاته قصائد لكل منها سمة خاصة ومذاق مختلف يعتمد على تكثيف المعنى وسلامة الكلمة وصفائها..ودقة الطرح ودفق المشاعر..والمحافظة على قصيدة التفعيلة التي تميز بها، واجترح من خلالها لغة تراثية أصيلة في معظم قصائده التي ضمها في دواوينه (دماء الثلج) الصادر عن نادي جدة الأدبي عام ١٩٩٨م وديوان (بياض) الصادر عام ٢٠٠٣م عن المركز الثقافي العربي في بيروت..وديوان (لا تجرح الماء) الذي صدر عن دار رياض الريس عام ٢٠٠٩م وأعيد إصداره عام ٢٠١٣م عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر.. وديوان(تفاصيل الفراغ) عام ٢٠١٨م الذي صدر عن نادي الرياض الأدبي وحصل من خلاله على الجائزة توليولا.. كما سبق له الفوز بجائزة نادي مكة الأدبي في دورته الخامسة في مجال الشعر عن دواوينه بياض..ولا تجرح الماء.. وتفاصيل الفراغ …وصوته في كل ديوان ينداح في قصائد يسكن الشعر داخلها وتخفي حروفها جهدًا فنيًا وحرارة داخلية لتجربة جيل جديد من الشعراء الذين واصلوا السير على خطى الشعراء الرواد القدامى والمحدثين..وله أيضًا كتاب السلطة السياسية والإعلام وكتاب (امرأة من حلم).
وللشاعر أحمد قران الزهراني تجربة شعرية مشتركة مع الشاعر اليمني الكبير أحمد العواضي..كما حظيت أعماله الشعرية بالعديد من الدراسات النقدية والأكاديمية، ومن بينها رسالة دكتوراة حصلت عليها الباحثة الجزائرية سميحة عباس من جامعة باجي مختار في مدينة عنابة بالجزائر حول أطروحتها (إشكالية التلقي في شعرر الدكتور أحمد قران-مقاربة تأويلية.)

ولعلنا نختم هذه التحية بإحدى قصائده الجميلة التي تعطي ولو ملمحًا بسيطًا عن روح الشاعر في داخله ..
? كاد وجهها يضيء
يكاد يحترق
يكاد
والشموس في الخدود
تلهب الشفق
والجمر في الشفاه
يكتوي به الحدق
هذه النهارات التي
لاحت جمالا في الأفق
هذه الليالي المقمرات
في الجبين
زانها الألق
هذه العيون الناعسات
لم تفارق الأرق
هيهات ناء وجهها
ولا يزال
في دواخلي قلق
هيهات
ناء في الزحام
وجهها
ولا تزال في شرود
لم افق
هيهات غابت
والزمان والمكان
لم يغب
فظلها يكاد أن يضىء
ووجهها يكاد يحترق

وبعد فهذه تهنئة وتحية تقدير واعتزاز للشاعر الدكتور أحمد قران الزهراني ..ولعلنا نعود إليه في دراسة مستفيضة عن شعره…

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button