تُمثل المشاريع الصغيرة مجالًا جذابًا لعمل الشباب، وهو من المشاريع التجارية المربحة إذا تم وفق دراسة جدوى صحيحة؛ حيث يُمثل فرصة لدخول الشباب المجال التجاري الذي أشار إليه -صلى الله عليه وسلم-: “التجارة فيها تسعة أعشار الرزق”. كما أن المشاريع الصغيرة هي البوابة التي دخل من خلالها بعض كبار رجال الأعمال السعوديين الحاليين.
والمشاريع الصغيرة ليست حكرًا على الدول النامية بل أيضًا مظهرًا من مظاهر الدول المتقدمة؛ حيث يعمل فيها في اليابان 75% من المجال التجاري، و25% في الصناعات الثقيلة، كما أنها أيضًا تُمثل أنها في الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 60% من المشاريع التجارية والبقية للمشاريع الصناعية الثقيلة. هذا بالإضافة إلى أنها تعمل على التخفيف من حدة البطالة، وتنعش الاقتصاد، وتسعى إلى تشغيل الأيدي الوطنية العاملة، وتساير مشاريع الرؤية الكبرى في السياحة والترويج والحج والعمرة. وتخدم التحوَّل نحو تعدد مصادر الدخل الوطنية.
كما أن المشاريع الصغيرة تمثل أسرع الطرق لاستيعاب أعداد كبيرة من الشباب من الجنسين للعمل فيها بدل الانتظار للحصول الوظائف الرسمية أو التجارية أو الخيرية، والتي أصبحت معايير التوظيف فيها عالية جدًا، وتطلب أفرادًا مؤهلين لها علميًا وعمليًا وتقنيًا وإبداعيًا للقضاء على الزيادة في أعداد البطالة المقنعة الناتجة من توظيف البعض ليس لمؤهلاتهم العلمية، وإنما تقديرًا لظروفهم الإنسانية.
وتمثل المشاريع الصغيرة معاهد للتدريب التجاري، والممارسة المهنية، ومدرسة للصبر والاستقرار، ومتنفسًا اجتماعيًا للشباب، ومجالًا لاستقبال الافواج السياحية التي تستهويها تلك المشاريع التي تمثل أصالة البلد، وتعرض موروثه الثقافي، وتجسد هويته الوطنية، وتوفر للأجانب الفرصة بالاحتكاك بالشباب السعودي والتعامل معه، والتعرف على أخلافه الأصيلة مما يغير من المفاهيم الخاطئة لديهم عن الشباب السعودي التي اخذوها من إعلام بلادهم، مما يؤدي إلى تحسين نظرتهم وتكوين سمعة جيدة لنا وقوة مضادة للدعايات المغرضة التي تشوه السمعة وتضعف الشخصية مما يتلقونه من إعلام بلادهم. وهي تمثل مجال للعولمة العربية مقابل العولمة الدولية للخفيف من صبغتها للحياة صبغة غربية. وكذلك للتخفيف من حدة الشركات الكبرى التي تعمل في مجال مشابهه للمشاريع الصغيرة وغالبًا وبملكية شركات غربية وتقضي عليها.
والمشاريع الصغيرة تحتاج إلى أفكار، وتأتي بعدها الأموال من مختلف الطرق الميسرة من الأهل أو من رجال الأعمال الداعمين لتلك المشاريع أو من جهات رسمية أو خيرية. ويمكن الحصول عليها من مؤتمر التوظيف والإبداع الذي يُقام في جدة في كل عام لتوظيف الشباب وإعطائهم الفرصة لعرض مشاريعهم الصغيرة، والتي يتبرع لدعمها بعض رجال الاعمال أو يقومون بشرائها أو مشاركة أصحابها. هذا بالإضافة إلى هناك الكثير من دراسات الجدوى لمشاريع صغيرة جاهزة يمكن الحصول عليها مجانًا من موقع الغرفة التجارية في جدة أو الرياض مما يوفر على الشباب تكاليف دراسات الجدوى، ويوفر لهم فرص تأسيس مشاريع مدروسة وناجحة.
والجهات الرسمية سهَّلت للشباب سرعة الحصول على التراخيص عبر التطبيقات الحكومية المختلفة، وخففت الكثير من شروط التأسيس والرسوم المخفضة، وضمان العمل في جو يوفر الأمن والاستقرار والحماية مصحوبًا ببعض أنواع الدعم والتشجيع المادي والمعنوي.