شكَّل مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه في ٢٥ مايو ١٩٨١م في دورته الأولى التي انطلقت من قلب الجزيرة العربية رياض الخير، قاطرة للعمل الخليجي المشترك وقبة ذهبية استطاعت لم شمل دول الخليج العربي الست تحت مظلتها، بل إنه شكل حصنًا منيعًا في مواجهة العديد من الأزمات والتحديات السياسية والاقتصادية طيلة عقوده الخمسة، والتي سعى خلالها قادة الخليج العربي إلى تحقيق التوازن في سياساته وتلبية طموحات شعوب الخليج، وتحقيق التعاون والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وصولًا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين الشعوب، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين.
وقد جاءت الركائز التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي واضحة في ديباجة نظامه الأساسي التي شددت على تعزيز ما يربط بين الدول الست من علاقات، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية والنظام الأساسي للمجلس.
ومن هذا المنطلق فقد حققت مسيرة العمل الخليجي المشترك، خلال السنوات الماضية العديد من الإنجازات والمشروعات التكاملية بما في ذلك إنشاء السوق الخليجي المشترك، والربط الكهربائي وغيرها من الهيئات المتخصصة في مختلف المجالات الدفاعية والأمنية والتنموية، وقد اشتملت تلك المسيرة منذ التأسيس، على انعقاد خمس سنين قمة خليجية، ما بين اعتيادية، وتشاورية، واستثنائية.
كما حقق المجلس إنجازات عديدة، في مختلف المجالات، لا سيما في المجال العسكري؛ حيث تعززت مجالات الدفاع الخليجي المشترك نحو مزيد من التكامل والتعاون والتنسيق؛ حيث وقعت كافة دول الخليج العربي على اتفاقية الدفاع المشترك التي تم إقرارها في عام ٢٠٠٠م والتي تؤكد على أن اعتداء على أي دولة من دول المجلس إنما هو اعتداء عليها جميعًا. وما ذلك إلا امتداد لتأسيس قوات درع الجزيرة المشتركة التي تعدُّ من أبرز مجالات التعاون الدفاعي بين دول المجلس، والتي أنشئت بهدف حماية أمن الدول الأعضاء، وردع أي عدوان عسكري عليها.
وما القمة الثانية والأربعون التي عقدت في العاصمة الرياض مؤخرًا إلا إحدى هذه القمم الخليجية التي تهدف إلى توحيد الصف الخليجي بل أنها تعد اختبارًا حقيقيًا في تاريخ المجلس منذ إنشائه نظرًا للتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة الخليجية بأكملها، والتي قد تهدد الكيان الخليجي الطامح للوحدة في كافة المجالات، والتي اشتمل بيانها الختامي على التأكيد على التماسك واللحمة بين كافة الدول الأعضاء والوقوف صفًا واحدًا أمام أي خطر يهدد أمن واستقرار المنطقة؛ فكانت هذه القرارات دفعة كبيرة لتعزيز الانتماء بين الأجيال القادمة والمحافظة على الهوية الخليجية.
وخزة قلم:
وحدة البيت الخليجي واحتواء كافة الخلافات تحت قبته الذهبية تعد صفعة لكل خائن وحاسد لأركانه الستة.