كثيرون راهنوا على أن “الميزانية” ستعكس تراجعًا في الاقتصاد السعودي، وبالطبع فإن أولئك المراهنين لم ينطلقوا في رهاناتهم تلك إلا بدوافع الحقد والغيرة والحسد، ولم يبنوا تحليلاتهم في ضوء ما حققته المملكة من منجزات ضخمة عبر المشاريع العملاقة التي حققتها خلال هذا العام الذي أوشك على الانتهاء، وإنما بناءً على الحرب التي تخوضها المملكة عند الحد الجنوبي في مواجهة إيران التي تستخدم الحوثيين في حربها بالوكالة ضد المملكة، وأيضًا على انخفاض أسعار النفط، إلى جانب الآثار الاقتصادية السلبية لفيروس كوفيد- 19 ومتحولاته ومتحوراته.
لكن جاء إعلان المملكة عن “الميزانية” مؤخرًا مخيبًا لآمال أولئك الحاقدين، وليكون بمثابة الإعلان عن فشلهم في هذا الرهان الخاسر. فقراءة سريعة لأرقام الميزانية ودلالاتها تؤكد على متانة الاقتصاد السعودي وتعافيه وقدرته على مواجهة التحديات، كما تأكد ذلك مرارًا في السابق.
لقد ظل الاقتصاد السعودي يستند على الحرص على ضرورة الحفاظ على المنجزات الاقتصادية ودعم الاستثمارات المحلية والأجنبية وتشجيع القطاع الخاص، واستخدام السياسات المالية للحفاظ على التوازن الكلي للاقتصاد، والحفاظ على الوظائف والقوة الشرائية، وتبني سياسة نفطية متوازنة من خلال قيادتها الحكيمة لأوبك.
ويمكن تلخيص أرقام “الميزانية” للعام المنصرم والعام المقبل (2022) في رقمين يحملان الكثير من معاني الطمأنينة والثقة باقتصادنا، وبما يعزز مكانتنا في مجموعة العشرين:
1- ميزانية هذا العام (2022) تسجل أقل عجز منذ ثماني سنوات.
2- ميزانية 2022 تسجل أول فائض منذ سنوات طويلة ويُقدر بـ 90 مليار ريال.
ويكفي للتدليل على أننا نسير قدمًا نحو تعزيز اقتصادنا الوطني – وإكسابه المناعة التي تحميه من الأزمات المالية العالمية والعمل على تحقيق رؤية 2030 بكل حذافيرها، والتي ستجعلنا نتحرر نهائيًا من ربط اقتصادنا الوطني بأسعار النفط صعودًا وهبوطًا- بما ذكره مؤخرًا معالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة في أعمال جلسات ملتقى ميزانية 2022م ياسر الرميان، بأن هذا الصندوق الذي يعتبر أسرع الصناديق السيادية نموًا وتطورًا في العالم “أسهم منذ عام 2017 في استحداث 400 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة؛ وحيث ارتفعت الأصول تحت الإدارة لصندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى 1.8 تريليون ريال ومستمرون في تحقيق مستهدفاتنا بضخ تريليون ريال في المشاريع الجديدة محليًا – نستهدف رفع أصول الصندوق إلى 4 تريليونات ريال”.
ويمكننا القول في ضوء ما سبق إن الاقتصاد السعودي سيظل متينًا ومكينًا -بإذن الله- طالما ظلت توجد في هذه البلاد الطيبة أرامكو وسابك..ورابغ والجبيل..ولن يتداعى الاقتصاد السعودي طالما ظلت تقام على أرضه مشاريع عملاقة كما في نيوم والعلا، وسيظل هذا الاقتصاد متينًا راسخًا بعون الله طالما ظلت طلائع شباب الوطن لا يضم قاموس طموحاتها وأبجدية آمالها سوى ثلاث كلمات تشتق منها كافة المعاني التي تحمل علامات التقدم وسمات المجد: “عزيمة – إصرار – تميز”.. وطالما ظلت هناك رؤية لمستقبل واعد يقف خلفها محمد بن سلمان الذي وضع “الرؤية” هدفًا وغاية.. أملًا ومستقبلًا.. خطة واستراتيجية .. منهجًا ومسيرة.