ظهر نوعٌ جديد من الزواجات في مصر، ليس زواج مسيار، ولا متعة، ولا حتى عُرفي، إنه زواج قلب الدنيا في أم الدنيا، فبكل بساطة العقد قائم على مبادرة لسان حال المطلقات والأرامل فيها يخاطب النساء المتزوجات قائلًا لهن: أعيريني أو سلفيني – باللهجة الدارجة المصرية- زوجك ليلة في الأسبوع وأعيده لسريرك للأيام الستة الباقية، فكل شروط الزواج الشرعي تتوافر في هذا العقد من توافق الرضا بين طرفين والشهود وتسمية الصداق أو المهر، كما لا مدة محددة لهذا الزواج فلا شبه بينه وبين زواج المتعة المنتشر بين أبناء المذهب الشيعي، ولا يشترط إسقاط وجوب النفقة والسكنى والمبيت، وبالتالي ليس مماثلًا لزواج المسيار المعروف لدى الطائفة السنية، كما أنه يُسجل بالدوائر الرسمية على عكس الزواج العرفي وإنما “زواج البارت تايم” أو “الوقت المستقطع” بالأصل هو زواج بدأ بمبادرة أطلقها أحد المحامين المصريين ويدعى أحمد مهران تحت مسمى “سلفيني زوجك” وزواج “البارت تايم” وبحسب المحامي مهران؛ فإن هذا الزواج يعطي للأرامل والمطلقات فرصة في الزواج الثاني في وقت تعد فيه مشكلة الزواج والطلاق أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمع المصري؛ حيث يوجد في مصر ما يزيد عن 2.6 مليون مطلقة بواقع وجود حالة طلاق كل دقيقتين لنساء معظمهن دون الثلاثين، ووفق المدافعين عن زواج “البارت تايم”؛ فإنه يؤمن تزويج المطلقات والأرامل من رجال متزوجين ميسوري الحال ماديًا ونفسيًا وصحيًا، ويفضل أن يكون بمثابة زوج سلف تقدمه الزوجة لصديقتها المطلقة أو الأرملة في ظل رفض جل الأسر لزواج أبنائهم من نساء مطلقات أو أرامل، كما أن هذا العقد على حد وصف متبنيه لا يخالف شرط العدل بين الزوجة الأولى والزوجة الثانية كونه قائمًا على موافقة الزوجة الثانية بأن مبيت الزوج المعار لديها يكون في حوالي يوم واحد في الأسبوع فقط، والجدل حول هذا النوع من الزواج القائم على الوقت المستقطع ظل نارًا تحت الرماد في مصر حتى خرج أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أحمد كريمة؛ ليدافع عن زواج “البارت تايم”، ويعتبره حلالًا وفق الشريعة الإسلامية طالما أن عقد الزواج يستوفي الشروط والأركان.
هل يا ترى سيكون هذا النوع من الزواج مقبولًا في المجتمع السعودي؟! هل فعلًا سيعالج مشكلة المطلقات والأرامل والعوانس؟! وهل ستوافق الزوجة أن يتزوج عليها زوجها ويبيت يوم واحد فقط في الأسبوع عند زوجته الثانية؛ وذلك مساهمة منها في إعفاف المطلقات والأرامل والعوانس أم سترفض؟! وما هي سلبيات هذا النوع من الزواج؟! عدة تساؤلات مطروحة للبحث والدراسة والتفكير فيها قبل التنفيذ.
أعتقد أن حل زواج “سلفيني زوجك” يرضي أغلب الأطراف من العوانس والمطلقات والأرامل والرجال الراغبين في التعدد، ورغم اتفاقي مع وجهة نظر المحامي- لأن الاعتراف بالمشكلة ووضع الحلول المناسبة لها أفضل من إنكارها بالكلية ما دام لا يخالف الشرع – إلا أني لا أظن أن الزوجة ستوافق أن يتزوج عليها زوجها مهما كانت الظروف، حتى ولو إعارة ليوم واحد أو حتى لساعة واحدة، فالتي تغار على زوجها من الحور العين استحالة أن توافق على زواجه من زوجة أخرى، وحق لها ذلك، أما الحل الأمثل من وجهة نظري للتخفيف من مشكلة الطلاق يكمن في التزام الزوجين بالحقوق والواجبات الزوجية، وأما حل مشكلة العنوسة فيكون بمكافحة غلاء المهور وإلغاء مصاريف الزواج الباهظة، أما بالنسبة لمشكلة الأرامل فتختلف على حسب حالة الأرملة من حيث العمر وهل يوجد معها أبناء أو بدون وعمومًا تحل مشكلتها إما من خلال الارتباط بزوج غير معدد أو حتى لو كان معددًا، شريطة العدل بين الزوجتين، أو يمكن تجربة زواج الوقت المستقطع مع ضرورة موافقة الزوجة الأولى على التعدد تفاديًا للمشاكل.
ومما زاد قناعتي الشخصية بزواج “سلفيني زوجك” أو زواج “الوقت المستقطع” بأنه أفضل من زواج المسيار، هي تلك القصة التي طالعتنا بها صحيفة المرصد مؤخرًا، بأن شابًا تزوَّج مسيارًا من امرأة، وأنجب منها ولدًا ولم يخبر أهله، وبعد (٦ سنوات) أخبرهم، وأحضر زوجته إليهم ليعرفهم عليها، فلما رآها والده عرفها، وقال هذه كانت زوجة لي مسيارًا قبل عشر سنوات، ومن جانبه رد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله المطلق على السائلة، بأنه يجب عليه مفارقة زوجته بعد علمه بزواج والده منها سرًا قبل سنوات، وأن ولده منها ابن شرعي؛ لأنه نكاح شبهة، وهذا من أخطر مصائب زواج المسيار، إن الوالد وولده يتعاقبان على الزوجة، وهذا لا يجوز.
————————
المستشار الأسري والاجتماعي
علاج المشكلات الإجتماعية ، في الزواج او التعدد وغيرها من القضايا الإجتماعية ، يكون من خلال ما اباحه الله عز وجل كما جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، لا يضر ذلك إختلاف المسميات طالما حققت الشروط والمعايير الشرعية . ففيها العلاج الناجع بإذن ألله تعالى . شكر الله لكم اخي الكريم الأستاذ عبدالرحمن جان ، على طرح هذه المواضيع الحيوية ، وفقكم الله وسدد خطاكم .