▪️يعد التعليم الركيزة الأولى التي تعد قوام التنمية المستدامة كونه الأصل التكويني لبناء الكوادر وتأهيل المتخصصين والفنيين والمهنيين في شتى التخصصات وفي مختلف المهن والحرف، وماذا عسى أن يكون أولئك إن افتقدوا الممكنات المعرفية أو القدرات العلمية أو لم يُعدوا إعدادا جيدا؟!!
▪️لا شك أن المخزون المعرفي تراكمي يتسع على هيئة هرم مقلوب تبعا لتدرج التعلم وتنامي المعرفة وأنبلاج أفق المتعلم كلما زاد رصيده، ولن يتأتى ذلك إلا بتعليم وتعلم منضبط ومتكامل العناصر؛ منهج ومعلم ومتعلم، وأنشطة تعد تطبيقا عمليا أو تفاعليا لتحويل المنظور إلى تجريبي أو واقعي ممارس لتثبيت المعلومة في الذهن، وليعتاد التطبيق، كي يبقى ويمتد أثره.. ولهذا يتفاوت مستوى التحصيل تبعا لمدى قدرة المنهج على منح المتعلم قدرا وافيا من الثروة العلمية من جانب، وعلى مدى التطبيق والممارسة الفعلية لما تعلمه وإلا فسيفقد أحد مقومات النجاح في إعداد الفرد لمعترك الحياة ليكون معطاءً نافعا لنفسه ومجتمعه.
▪️لن أتحدث هنا عن المعلم ودوره الريادي في تحريك العملية التعليمية كعنصر أساس بل سأعرج للإدارة العليا المسئولة عن المنظومة التعليمية التي تصنع أو تبلور سياسة التعليم أو تسير مركب الرحلة التعليمية إلى أن يبلغ نضجه المأمول، ذلك لأن المؤسسة التعليمية تنفذ أجندة مرسومة ومفندة تعمل بمقتضاها وهي إذ ذاك تستقي منها الجدية كمحك لتطبيق آلية تضمن الجودة لئلا ينحدر التعليم لمهاوي الجهل أو التجهيل!!!
▪️قد يكون المنهج ثرياً وشاملا وفقا للسلم التعليمي والمرحلة العمرية والدراسية إلا أنه يفتقد للمقومات الأخرى التي تجسد المعرفة أو تبسطها أو توسعها أو تشرحها أو توضحها أو تعمقها أو تعممها- سواءً كانت مادية أو بشرية.. وقد توجد تلك العناصر مجتمعه إلا أن هنالك مؤثرات خارجية بيئية أو وبائية أو خلافها تحد من تناغم أو تكامل تلك العناصر أو تقف حائلا دون استمراره وبالتالي توقف عجلة المعرفة مما تحدث ربكة أو انقطاع أو انفصام لتسلسل مفردات المنهج، وبالتالي تتضاءل المحصلة الدراسية، ومن ثم ضعف المخرجات أو وجود فاقد تعليمي يصعب تعويضه أو ترميمه.
▪️ من يلحظ التعليم التقليدي في صورته المعتادة يجد أنه كان منضبطا وجديا مع أنه كان يصب اهتمامه في الكم المعرفي بوسائله الرتيبة تبعا لمعطيات العصر آنذاك، إلا أنه أوجد كوادر تملك ممكنات علمية وأدبية مع مقومات ذاتية للتطوير والتنمية الذاتية حتى أضحوا مضربا للمثل في التحدي، ليلمعوا ضمن أبرز الشخصيات العالمية في مجالات عدة طبية أو أكاديمية أو علمية بحته أو أدبية أو رياضية أو ثقافية، مما يؤكد على أن تنمية القدرات العقلية لا تتأتى إلا بملء معرفي مكين قوامه التعليم المتواصل الجاد في غير تماهٍ أو تهاون!!
▪️لا أحد يتجاهل التحولات الحالية المتسارعة نحو التقنية بمجالاتها المتنوعة والتي تتطلب مواكبة ومعاصرة متناغمة مع كم المنجزات كي يحظى الإنسان بل المجتمع والدولة برقم متقدم في جدول القيم العالمي وإلا أصبح في نهاية الركب لاقيمة له!!
وحسناً؛ أن دولتنا المباركة أدركت ذلك منذ وقت مبكر، فأضحينا في الريادة بل في المقدمة في وقت وجيز، وهذا ما يثلج صدورنا بل يجعلنا نمتليء فخرا وعزا بهذه المنجزات التي تعبر عن وعي مكين، وفكر مستنير وقدرات مذهلة.. إلا أن ظروف الجائحة التي خيمت على الدنيا جعلت العالم بأسره يرضخ لتنازلات في عدة مجالات؛ حفاظا على الأرواح؛ وإن كان الثمن استنزافا معرفيا من خلال تقليص ساعات الدراسة أو زمن الحصة أو الاستعاضة بالتعليم عن بعد أو التجاوز عن كثير من المسلمات كالانضباط أو الاختبارات الحضورية أو النواحي العملية، وبالتأكيد فإن لذلك تأثير سلبي – لا أحد ينكره – وإنما هو بدائل فرضتها الضرورة القصوى، وما لا يدرك كله لا يترك جُله!!!
▪️بالطبع يدرك المسئولون في وزارة التعليم والجامعات والمعنيين بالتعليم تلك المعضلة بل يلمسون تأثيرها المباشر على التحصيل وضعف المخرجات .. ولكن السؤال: هل هنالك من حلول لتفادي هذه المشكلة كي لا ينشأ جيل بل أجيال مركبة على هذا المنوال فتكون النتيجة وبال على المجتمع تسحبنا للوراء بدلا من أن تدفعنا للتقدم؟!
▪️لا أحد يستطيع التنبؤ بما قد تستغرقه الجائحة من وقت كي ترحل، لذلك فنحن في خضم مشكلة تعليمية، مما يجعل الطرق المعمول بها حالياً قاصرة عن أن توجد تعليم أو تعلم فاعل ومؤثر!!
▪️ هل تم التفكير في تأمين أجهزة محمولة أو مكتبية للطلاب أم هل من تفكير في إيجاد غرف خاصة ذات كمرات على غرار ما ينفذ في مراكز اختبارات قياس لتكون مقرا ملزما للطالب كضمان للانضباط وليشعر إزاء ذلك بالأهمية والرقابة؟!.
▪️هل فَكّر المعنيون في إيجاد بدائل أو عقد مؤتمرات عالمية للخروج بتوصيات إجرائية أو حلول عملية يستدرك من خلالها الفاقد التعليمي؛ إنقاذا للموقف التعليمي من الهبوط المقنع بدلا من الصعود المقنن؟!!!
▪️ختاما.. الشكر الجزيل لكل من يقف خلف تلك الجهود المضنية من أجل إيصال العلم لأبنائنا الطلاب في عقر دارهم أو في مدارسهم من رأس الهرم الوزاري إلى فوارس الميدان التعليمي من معلمين ومعلمات، مع الأمنيات بالتوفيق والسداد.